العجمي: ترامب مغيب عن الواقع.. وكل خيارات الرد مطروحة لحماية الأمن القومي المصري

ترامب مغيب عن الواقع
كتبت مريم محمود
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن جدلًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، حيث عكست توجهًا سياسيًا يتسم بالعجرفة وفرض الأمر الواقع، ما استدعى ردود فعل قوية، خاصة من الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية.
في هذا السياق، أكد الكاتب الصحفي والروائي إبراهيم العجمي، عضو الهيئة العليا لحزب العدل، وأمين عام مجلس إدارة جمعية كتاب القصة والرواية – فرع جنوب ووسط الصعيد، أن مواقف ترامب تعكس حالة من الانفصال عن الواقع السياسي الدولي، وتكشف عن توجه غير متزن في التعامل مع الدول العربية، وعلى رأسها مصر، والسعودية، والأردن، إلى جانب دول من أمريكا اللاتينية مثل بنما والمكسيك وكولومبيا.
يرى العجمي أن نشوة الانتصار بعد المعركة الرئاسية دفعت ترامب إلى إطلاق تصريحات غير محسوبة، مستخدمًا صيغة الأوامر وفرض الأمر الواقع في تعامله مع الشأن الدولي، مما يعكس عدم إدراكه لطبيعة العلاقات بين الدول.
وأوضح أن هذا النهج العشوائي أثار حالة من الجدل داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث تصاعدت الأصوات داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمناقشة إمكانية تقييد بعض الصلاحيات الرئاسية المتعلقة بالسياسة الخارجية، وهي سابقة تحدث لأول مرة في التاريخ الأمريكي.
وأضاف أن العلاقات المصرية-الأمريكية، منذ توقيع اتفاقية السلام، لم تشهد هذا المستوى من التوتر والتراجع، محذرًا من أن الولايات المتحدة، التي لطالما وصفت نفسها بأنها دولة مؤسسات، أصبحت اليوم أكثر عرضة للفوضى السياسية بسبب سياسات ترامب الخارجية.
وحول تأثير هذه التصريحات على الأمن القومي المصري، شدد العجمي على أن المعارضة الوطنية قد تختلف مع الحكومة في الملفات الاقتصادية والسياسية، لكنها تضع الأمن القومي فوق أي خلاف سياسي، مؤكدًا أن أي محاولة للمساس به مرفوضة تمامًا من أي وطني مصري ، موضحًا ان “الأمن القومي المصري له دوائر متعددة، ونؤمن بأن حماية الدولة المصرية تتطلب جبهة داخلية قوية، وهو ما يستدعي توسيع المناخ السياسي الداخلي ليكون الجميع شركاء في اتخاذ القرار، لأن حماية الأمن القومي ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل مسؤولية وطنية مشتركة.”
وحول احتمالية وقوع صدام عسكري بين مصر والولايات المتحدة، أشار العجمي إلى أن التاريخ أثبت أن الولايات المتحدة لم تحقق نصرًا عسكريًا حاسمًا في أي من معاركها الخارجية، باستثناء مشاركتها المتأخرة في الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن انتصارات الجيش الأمريكي غالبًا ما تكون في أفلام هوليوود وليس على أرض الواقع.
وأضاف أن واشنطن لا تلجأ عادة للمواجهات العسكرية المباشرة، لكنها تجيد استخدام الأدوات الاقتصادية والعقوبات كوسيلة ضغط، وهو ما قد تلجأ إليه في المرحلة المقبلة. وأوضح أن التصدي لهذه الضغوط يتطلب تحركًا دبلوماسيًا واسعًا يشمل الدول العربية والإسلامية، إلى جانب الحلفاء في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، بهدف فرض حلول عادلة للصراع الفلسطيني، وعلى رأسها حل الدولتين كحد أدنى لأي تسوية مقبولة.
أعرب العجمي عن تشاؤمه بشأن إمكانية تطبيق حل الدولتين، موضحًا أن الأرض منذ أن استوطنها الكنعانيون لم تكن قابلة للتقسيم، وأن الصراع القائم تغذيه أيديولوجيات متطرفة داخل الحركة الصهيونية، التي تقوم على فكرة “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات، وهي حدود تمتد عبر سبع دول عربية.
وأكد أن وجود الكيان الصهيوني بحد ذاته يمثل تهديدًا دائمًا للأمن القومي العربي، إذ يعد محركًا رئيسيًا للصراعات والانقسامات في المنطقة، مما يجعل من الصعب تحقيق أي حل سياسي مستدام طالما بقيت العقيدة الصهيونية قائمة على التوسع والاستيطان.
اختتم العجمي تصريحاته بالتأكيد على أن مصر لن تقبل بأي ضغوط أو تهديدات تمس أمنها القومي، وأن جميع الخيارات تبقى مطروحة للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، محذرًا من أن سياسات ترامب قد تخلق أزمات دولية أوسع نطاقًا لن تتوقف عند حدود مصر وحدها.