د. نجوان مهدي تكتب: حسن نصر الله له ماله وعليه ما عليه
رحم الله حسن نصر الله، قائد حزب الله اللبناني، فسواء اتفقت معه أو اختلفت، فلا يمكنك إنكار أنه كان رمزا مهما للمقاومة ضد العدو الصهيوني، وكان بالفعل شوكة في حلق هذا العدو.
ورغم الدور المقاوم الذي لعبه نصر الله، فقد تسبب في إحداث قلق في لبنان الشقيق، فأن يكون هناك جيش للدولة، وبموازاته قوات أخرى تابعة للحزب، فهذا من شأنه إحداث قلق وارتباك كبيرين داخل الدولة.
أيضا تدخل حسن نصر الله في الشأن السوري، ما أدى إلى العديد من المآسي في البلد الشقيق، وأحدث به دمارا شاملا، وشرد أهله في البلاد كافة، وربما لولا هذا التدخل لصارت الأمور إلى الأفضل.
كذلك كان حسن نصر الله أداة في يد إيران، التي أظن أنها باعته، بدليل أن شيئا لم يحدث من جانبها حتى الآن ردا على اغتياله، مما يثير الشكوك في التوجه الإيراني بالفعل.
أيا كان الأمر فلا يمكننا ولا يمكن لأي عربي، سواء كان مسلما شيعيا أم سنيا، أو كان مسيحيا، أن يبتهج لاستشهاد الرجل، رغم أي خلافات معه أو حوله.
إن ما يلفت النظر في واقعة الاستشهاد، أن هناك أخطاء كثيرة وقع فيها نصر الله، أدت إلى هذه العملية، ولا نستبعد أن هناك خيانة ما تمت.
ومن خلال الآراء التي أدلى بها خبراء الاستخبارات، يمكن تفسير ما حدث من اغتيالات وخاصة ضد زعيم حزب الله حسن نصر الله بعدة عوامل رئيسية أو فرضيات دون استبعاد أخرى، وهي:
أولا، على ضوء عملية الاغتيال، تبقى المفاجأة الكبرى هي كيف قررت قيادة حزب الله الاجتماع في مقرها الرئيسي في الضاحية جنوب بيروت العاصمة، في وقت يعاني منه الحزب من ثغرة أمنية خطيرة للغاية أدت إلى اغتيال أبرز قادة التنظيم قبل الاجتماع بأيام.
كما أن حزب الله يدرك أن إسرائيل حصلت على قنابل يصل وزنها إلى الألف كيلوجرام قادرة على ضرب أعتى التحصينات تحت المباني، ورغم ذلك، لم يغير الحزب من مكان تواجد قيادته، علما أنه في مثل هذه الأوقات الحرجة تكون اجتماعات القيادة شبه ممنوعة بل تتفرق في أماكن مختلفة، ويتولى أشخاص نقل الرسائل بينها.
ثانيا، فرضية نجاح إسرائيل في استقطاب وتجنيد مسؤول كبير جدا في حزب الله، من الصف الأول لديه علاقة بتوفير تحرك المسؤولين الكبار، تبقى فرضية ضعيفة جدا ولكنها واردة.
ثالثا، فرضية نجاح إسرائيل في اختراق كبير لنظام الاتصالات المشفر والمستعمل من طرف حزب الله، حيث كان يعتقد حزب الله أنه آمن. إذ قد تكون إسرائيل نجحت في فك التشفير الإلكتروني وكذلك ربما عملية فك الرموز المتعامل بها في الاتصالات أي قاموس الكلمات الخاصة الذي ربما يعرفه عادة القليلون جدا. وهذا غير مستبعد، لاسيما بعدما نجحت إسرائيل في جعل وسائط الحزب تقتني آلاف أجهزة البيجر وتوكي ووكي وانطلت عليها الحيلة، وجرى تفجيرها عن بعد يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين مخلفة مجزرتين. والمثير أنه حدثت واقعة البيجر علما أن حزب الله صارم في الإجراءات الأمنية المتعلقة بالاتصالات لأنها العمود الفقري لأي تنظيم، إذا تم اختراق الاتصالات سقطت البنية العسكرية.
رابعا، فرضية نجاح إسرائيل في زرع شرائح في سيارات والدراجات النارية التي يستعملها قادة الحزب قادرة على رصد صوت الراكب، وبالتالي تعرف مسبقا الأماكن التي ينتقل بينها قادة الحزب. وهذه العملية لا يمكنها أن تتم سوى بمساعدة كبيرة من العنصر البشري، أي استقطاب بعض عناصر الحزب الذين لديهم علاقة مباشرة بالقطاع اللوجستي والأمني لحزب الله. وكما نجحت إسرائيل في تفخيخ آلاف البيجر وتوكي ووكي لن تكون عاجزة عن زرع شرائح تعقب السيارات والدراجات النارية.
ويبقى العامل الخامس، هو التقدير غير الواقعي لحزب الله لقرارات إسرائيل، حيث كانت تعتقد قيادة الحزب أن إسرائيل لن تجرؤ على اغتيال حسن نصر الله لتفادي حرب شاملة في المنطقة. وها قد تمت عملية الاغتيال، ولا أحد يعلم ماذا يخبئه الغد.