عبدالعليم العوامي يكتب : الحداية لا تحدف كتاكيت
بالنظر للسيناريو الدائر حاليا في منطقتنا العربية والذي تقوده إسرائيل بدعم امريكي وغربي وموافقة عربية لا ريب فيها والذي يهدف الي القضاء علي كل الجماعات والميلشيات المسلحة في المنطقة والتي ترفع شعارات من قبيل الممانعة والمقاومة وغيرها من الشعارات الثورية مثل حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق و جماعة الحوثي في اليمن ومليشيا حميدتي في السودان .
قد يبدو لنا هذا السيناريو للوهلة الاولي انه في صالح المنطقة بما قد يحمله من فوائد تصب في إستقرار الاوضاع في هذه البلاد وكل مناطق الشرق الأوسط , حيث ينتهي دور هذه الجماعات المسلحة وتنضوي تحت قيادة الجيوش الوطنية كما يحدث في اي دولة حديثة لا يوجد فيها الا جيش واحد وقيادة سياسية واحدة تحافظ علي وحدة الأرض والشعب ولها السيادة عليهما وحدها دون غيرها ,بالطبع هذا يعتبر مكسب كبير لانه لا يصح الا الصحيح وهذا ما كان يجب ان يكون منذ زمن طويل حفاظا علي استقرار الأوضاع في المنطقة ومنع السلاح من الوصول لجماعات غير خاضعة لسيطرة الدول وتعمل وفق اجندات خارجية قد تضر ببلدانها في كثير من الاحيان , بل قد تكون في اوقات كثيرة وسيلة لإحداث الانقسامات وتوجيه السلاح الي الداخل وتتحرك بأهداف خارجية بعيداً عن المصالح الوطنية وخارج نطاق الدولة مما يهدد وجود الدولة في حد ذاتها وهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا لكل ذى عقل وحس وطني يخشي علي بلاده من وجود مثل تلك الجماعات .
ولكن….
قد نعتبر كل تلك الفوائد في مصلحتنا نحن العرب اذا تمت في ظروف طبيعية وبقرار عربي وبأيآدي عربية خالصة ولكنها للأسف تتم علي يد عدونا الأزلي الذي يضمر لنا الشر دائما وصراعنا معه مازال مستمر ,وبرغم وجود كل هذه المميزات في هذا السيناريو لكن هذا لا يجعنا نسلم له تماماً لإختلاف الدوافع والأغراض من وراء تطبيق هذا السيناريو بقيادة إسرائيل , فالمنطق يجعلنا نشك في الهدف المراد من وراء كل ما يحدث الآن فقط لمجرد أنه يجري علي أيدي اسرائيل وأمريكا وليس بايدينا , فالعدو لا يلقي علينا الهدايا حبا فينا ولا يعطينا الجوائز اعترافا بحقوقنا ولا يبحث عن أمننا قبل أمنه اولاً, فالهدف الحقيقي من القضاء علي كل هذه الجماعات هو أمن اسرائيل اولاً وثانياً وثالثاً, كذلك الهدف الخفي والغير معلن هو القضاء علي فكرة المقاومة والنضال ضد الكيان الإسرائيلي ومحو تلك الكلمات من القاموس العربي واستبدالها بالسلام والتعايش والتطبيع والصداقة وإن كان ذلك علي حساب الأرض والتفريط في القضية الفلسطينية وتسويتها بالطريقة الإسرائلية وعلي شروطها بمباركة عربية بعيدا عن الصخب والأزمات التي تثيرها مثل تلك الجماعات .
تبقي الحقيقة ان إسرائيل تبحث عن مصلحتها أولاً بدعم امريكي غير محدود ولا تبحث عن راحة العرب او مصالحهم بل كل ما يهمها من هذه العمليات الجارية هو أمنها الداخلي والخارجي علي الأمد البعيد ونحن نساعدها علي ذلك بدون مقابل .
فعلينا الحذر وعدم الإنجرار وراء ما يبدو انه جائزة مقدمة من عدونا فالحداية لن تلقي علينا الكتاكيت .