في ذكرى ميلاده.. تعرف على الروايات الأولى لنجيب محفوظ
تحل اليوم الذكرى 108 لميلاد الأديب العالمي نجيب محفوظ ابن حي الجمالية بوسط القاهرة المولود عام 1932.
تميز نجيب محفوظ بالبراعة في رسم الشخصيات، وارتباطه بالبيئة المصرية، وأجواء القاهرة وحواريها، وتنقل عبر الزمن ليرسم الملامح المجتمعية للحقب التي كونت تاريخ الدولة المصرية، وتنوعت موضوعات رواياته مابين التاريخية والاجتماعية والفلسفية.
بدأ اهتمام نجيب محفوظ بالتاريخ الفرعوني أثناء دراسته الجامعية، حيث ترجم كتاب «مصر القديمة» للمؤلف «جيمس بيكي»، ما جعل من الطبيعي أن تكون بدايته مع الروايات التاريخية، التي تناولت الحضارة الفرعونية بشكل يجسد تفاصيل الانفعالات الإنسانية في هذه الفترة الزمنية.
«عبث الأقدار»
هي أول رواية لنجيب محفوظ اعتمد فيها على الوسائل التقليدية للرواية، وهي تنتمي إلي مرحلة التاريخية في كتاباته مع روايتي «رادوبيس وكفاح طيبة»، ونشرها عام 1939، في «المجلة الجديدة» لصاحبها سلامة موسى، وكان اسمها «خوفو»، لأنها تدور حول هذا الفرعون، ولكن سلامة موسى اختار لها عنوان «عبث الأقدار» ليكون أكثر جاذبية للقارئ.
ألقى أديب نوبل خلال سطورها الضوء على العلاقات داخل الأسرة الفرعونية أثناء بناء هرم خوفو، بأسلوب مزج بين التاريخ والأسطورة، حيث تبدأ أحداثها بعراف يقرأ الطالع لملك مصر«خوفو»، وتنبأ له أن من سيتولى عرش مصر من بعده هو طفل ليس من صلبه، وهو ابن الكاهن الأكبر.
ويتحدى «خوفو» هذه النبوءة يحاول قتل الطفل، لكنه يفشل في مسعاه ويحيا هذا الطفل، ويوليه «خوفو» بنفسه عرش مصر بعد أن قتل ولي عهده وتزوج ابنته، وناقشت الرواية الاستبداد و الصراع بين الإرادة الفردية وتدابير القدر.
«رادوبيس»
هي الرواية التاريخية الثانية لـ نجيب محفوظ والتي كتبها في مطلع حياته بعد عبث الأقدار وتناولت علاقة فرعون مصر مع السلطة الدينية، ورد فعله ضد العصيان الشعبي، وذلك في سياق قصة رومانسية وعلاقة مع الفتاة «رادوبيس» النوبية، وقيل أنها الأصل لقصة «سندريلا»، ونشرت عام 1943، وهي أول رواية لنجيب محفوظ ينشرها سعيد جودة السحار صاحب مكتبة مصر.
وتدور أحداث الرواية في عصر الأسرة السادسة حول الحسناء «رادوبيس»، وعلاقاتها برجال المملكة المصرية، والفرعون الشاب «مرن رع » الثاني، في إطار اتاريخي يطرح قضية علاقة الحاكم بالشعب، وحصل نجيب محفوظ عنها على جائزة «قوت القلوب الدمرداشية» وهي أول جائزة يحصل عليها في حياته.
«كفاح طيبة»
هي الرواية تاريخية الثالثة لـ نجيب محفوظ، ونشرت للمرة الأولى سنة 1944، وتحدثت عن نضال المصري القديم بقيادة «أحمس الأول» «مؤسس الأسرة الثامن عشرة» ضد «الهكسوس»، وتجسد تفاصيل تضحيات الشعب المصر من أجل الحصول على حريته، وطردهم من البلاد، وتحمل في طياتها رمزية على كفاح الشعب المصري في أوائل القرن العشرين للتحرر من الاحتلال البريطاني، وجاء على لسان المؤلف: «أردت بذلك أن أقول أنه مثلما نجح الشعب المصري في تحقيق استقلاله في العصور الغابرة فإنه سينجح أيضًا في العصر الحديث».
تناول «محفوظ» في روايته قصة كفاح أهل طيبة من خلال قصة حب الملك أحمس، فبعد حصوله على النصر لم يستطيع نسيان صورة تلك الأميرة (ابنة عدوه الهكسوسي)، وظلت ملامحها محفورة في قلبه، ومع ذلك فضل حب وطنه طيبه على عاطفته وحبيبته.
ويذكر أن «جريدة إلموندو» الإسبانية أجرت دراسة عام 1999، اختارت فيها كفاح طيبة كواحدة من أهم الروايات التي صدرت في الآدب العالمي في القرن العشرين.