كارلوس كايزر: أشهر نصّاب في تاريخ كرة القدم

كتب عمر سلطان
كارلوس كايزر أشهر نصّاب
عندما يُطرح سؤال: “من هو أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم؟”، غالبًا ما تتبادر إلى الأذهان أسماء مثل بيليه، مارادونا، كريستيانو رونالدو، أو ليونيل ميسي. لكن هل سمعت يومًا عن لاعب احترف كرة القدم لمدة 20 عامًا دون أن يخوض مباراة رسمية واحدة؟
إنه البرازيلي كارلوس هنريكي كايزر، الرجل الذي استطاع خداع عالم كرة القدم لسنوات طويلة، رغم أنه لم يكن يمتلك أي موهبة كروية تُذكر.

وُلِد كارلوس هنريكي، المعروف بـ“كايزر”، في 26 يوليو 1963 بمدينة ريو دي جانيرو، البرازيل. حصل على لقبه بسبب الشبه الكبير بينه وبين الأسطورة الألمانية فرانز بيكنباور، الملقب بـ“القيصر”. وعلى الرغم من هوسه بكرة القدم، مثل أي طفل برازيلي، فإنه لم يكن يمتلك الموهبة اللازمة ليصبح لاعبًا محترفًا. الميزة الوحيدة التي كان يتمتع بها هي بنيته الجسدية القوية، وهو ما استغله جيدًا في مسيرته.
في مطلع الثمانينيات، استطاع كارلوس تكوين صداقات قوية مع أبرز نجوم الكرة البرازيلية آنذاك، مثل كارلوس ألبرتو وريكاردو روشا، مما ساعده على توقيع أول عقد احترافي له مع نادي بوتافوجو، وبعدها بعامين مع فلامنغو، أحد أكبر أندية البرازيل. لكن المفاجأة أنه لم يشارك في أي مباراة رسمية طوال تلك الفترة!
كان كايزر يمتلك موهبة فريدة من نوعها، ليست في المراوغة أو التسديد، بل في الاحتيال وابتكار الأعذار للهروب من المباريات. كان يدّعي الإصابة بشكل مستمر، بل ويدفع أموالًا لزملائه كي يتظاهروا بإصابته في التدريبات.
وفي إحدى المباريات مع فلامنغو، اضطر المدرب لإشراكه بديلًا، ولم يجد كايزر مفرًا من النزول إلى أرض الملعب. لكنه لجأ إلى خدعة ذكية جدًا، حيث ركض نحو جماهير الخصم وافتعل شجارًا معهم، مما دفع الحكم إلى طرده قبل أن يلمس الكرة! وعندما تم التحقيق معه، ادّعى أن الجماهير كانت تُهين رئيس النادي، وأنه لم يستطع الوقوف مكتوف الأيدي، ليكافئه رئيس النادي بدلًا من معاقبته!
لم يكن كايزر بارعًا فقط في الادعاء بالإصابة، بل كان يتقن الإنجليزية، وهو ما استغله لخداع الأندية. كان يدّعي أن هناك عروضًا أوروبية للتعاقد معه، مما كان يدفع الأندية البرازيلية إلى الإسراع في التوقيع معه. لكن الحيلة كُشفت ذات مرة عندما اكتشف طبيب أحد الأندية، الذي كان يجيد الإنجليزية، أن كايزر كان يكذب بشأن العروض الخارجية.
وفي عام 1984، جاءت الفرصة الذهبية لكايزر عندما فاز نادي إنديبندينتي الأرجنتيني بكأس ليبرتادوريس وكأس الإنتركونتيننتال. كان هناك لاعب بالفريق يُدعى كارلوس هنريكي، فاستغل كايزر تشابه الأسماء وروّج لنفسه على أنه هو هذا اللاعب! وبما أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة حينها، لم يكن من الصعب تصديق هذه الأكذوبة.
بفضل هذه الحيلة، انتقل إلى فريق أجاكسيو الفرنسي، الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية. وعند تقديمه للجماهير، لم يُظهر مهاراته كما هو متوقع، بل بدأ في تسديد الكرات نحو الجمهور وتقبيل شعار النادي، ليكسب قلوب المشجعين من اللحظة الأولى!
بعد فترة قصيرة في فرنسا، عاد كايزر إلى البرازيل، مستغلًا الصحافة والعلاقات لتسويق نفسه على أنه هدّاف الدوري الفرنسي وأحد أفضل اللاعبين هناك. واصل التوقيع مع عدة أندية مثل فلومينينسي، لكنه لم يشارك في أي مباراة رسمية، حيث كان يتذرع بالإصابة في كل مرة.
لاحقًا، اعترف كايزر بأنه لجأ إلى هذه الحيل بسبب الفقر، حيث كانت والدته تضغط عليه ليصبح لاعب كرة قدم ناجحًا. لكنه أبدى ندمه، مشيرًا إلى أنه ربما كان يمكنه أن يصبح لاعبًا حقيقيًا لو استثمر وقته في التدريبات بدلًا من الاحتيال.
وفي عام 2018، تحوّلت قصته إلى فيلم وثائقي بعنوان:
“Kaiser: The Greatest Footballer Never to Play Football”
أو “كايزر: أعظم لاعب كرة قدم لم يلعب كرة القدم”، ليُخلّد اسمه كأشهر نصّاب في تاريخ كرة القدم.