...

علي جمعة: افتقدنا حب الرسول فظهر التطرف والإرهاب والدم

 

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الصحابة أحبوا رسول الله ﷺ بطريقة مختلفة لم يعِها كثير من المعاصرين، وهذا الحب له علاقة بقوة الانتماء، وله علاقة بدرجة الإيمان، وله علاقة بالسلوك العام، وبالجمال الداخلي، وبالذوق الشخصي، وكان حبهم له يؤدي بهم إلى الاحترام وإلى الطاعة وإلى الرحمة التي نزعت من قلوب كثير من الناس الآن.

وكتب علي جمعة، عبر حسابه على “فيسبوك”، “كان حبهم له ﷺ لا يقتصر على الاقتناع العقلي، ولا على الالتزام الشعائري، بل يحبونه أكثر من أنفسهم، وأبنائهم وآبائهم وعشيرتهم ومن خلاله أحبوا الله سبحانه وتعالى، فنقت فطرتهم، وخلصت ضمائرهم”.

وأضاف “في يوم أحد نزلت أم سليم أرض المعركة بعد انكشاف المسلمين، وأخذت ترد المشركين عن رسول الله ﷺ هي وزوجها طلحة رضي الله تعالى عنهما”.

واستشهد: كان أبو بكر أثناء رحلة الهجرة يتقدم رسول الله ﷺ ثم يأتي عن يمينه ثم يأتي عن شماله ثم يأتي من خلفه خوفا عليه أن يأتيه مكروه، وهذا حب عجيب يشبه حب الأم لابنها، وكان حب أبي بكر رضي الله تعالى عنها أعظم من حب الأم لابنها، وتعجب عروة بن مسعود في صلح الحديبية عندما رجع يخبر أهل مكة بعلاقة صحابة رسول الله ﷺ به فقال: «أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر، وكسرى، والنجاشي، والله إن ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد ﷺ محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له» [رواه البخاري].

قد يأنف بعض المعاصرين عندما يسمعوا مثل هذا، ونحن لا نجادله في أنفته هذه؛ إنما عليه أن يعلم مدى حب هؤلاء الناس لسيد الخلق، وأن لا ينكر عليهم ذلك، وإذا كان الله سبحانه وتعالى لم يأذن له بعد في أن يعرف رسول الله ﷺ ، فلا عليه إلا أن يسكت حتى يصل إلى قريب من ذلك الحب، لا أن ينكر على الصحابة أو علينا راوية هذه المفاتيح التي عندما افتقدناها ظهر شيطان الشر والإرهاب والتطرف والدم..إنها منظومة واحدة؛ إما الحب، وإما احتمال التعرض الجارف للكراهية.

واستشهد جمعة بحديث عن أنس بن مالك : كان النبى ﷺ يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه . قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتيت فقيل لها هذا النبى ﷺ نام فى بيتك على فراشك . قال : فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ففتحت عتيدتها (الصندوق الصغير تجعل المرأة فيه المتاع النفيس) فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره فى قواريرها ففزع النبى ﷺ فقال : «ما تصنعين يا أم سليم ؟». فقالت : يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا . قال : «أصبت». [رواه مسلم]

وعن أسماء بنت أبي بكر: «أن النبي ﷺ احتجم، فدفع دمه إلى ابني فشربه، فأتاه جبريل عليه السلام فأخبره، فقال: ما صنعت. قال: كرهت أن أصب دمك. فقال النبي ﷺ : «لا تمسك النار، ومسح على رأسه، وقال: ويل للناس منك، وويل لك من الناس» [رواه الدراقطني] فرسول الله ﷺ لم يأمره أن يفعل هذا لكنه لم يستطع ما فعل كما هو مردود ذلك عند بعض المعاصرين مما يضطرهم إلى إنكار الحديث أو إلى السخرية من هذا الحب العميق.

واختتم المفتي السابق : عندما أخطأت أم أيمن وظنت أن بوله ﷺ ماء فشربته وهو لم يأمرها بذلك. قال لها: هذه بطن لا تجرجر في النار. أخرجه ابن السكن في صحيحه، كما أشار إلى ذلك ابن حجر العسقلاني في الإصابة، ووزع رسول الله ﷺ شعره المبارك الشريف حتى وصل إلينا في عصرنا الحاضر، ولم يصل إلينا أثار نبي قط سوى النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ فإذا كان بعد ذلك لا تلين النفوس من هذا الكلام، ولا تبكي العيون عند ذكر حضرة المصطفى ﷺ ، فليس العيب عيبنا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى