لماذا الاتجاه المتزايد نحو أسواق الكربون مع سعى الدول لخفض الانبعاثات؟

 

يأتي الاتجاه المتزايد نحو أسواق الكربون عامةً مع سعي الدول والشركات إلى خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني، من أجل تفادي تداعيات أسوأ جراء تغير المناخ، وفرضت دول عديدة آليات لتسعير الكربون، لإجبار الشركات والقطاعات على خفض الانبعاثات، وإلا فإنها مجبرة على دفع ثمن التداعيات السلبية التي تفرضها على البيئة، ومع السعي إلى خفض الانبعاثات ظهرت عقبات في الطريق نحو الطاقة النظيفة، فهناك قطاعات كثيفة الكربون، مثل التعدين والصناعات المختلفة والتي يصعب القضاء على انبعاثاتها، وبمعنى أدق أن هناك انبعاثات لا مفر منها ولا يمكن كهربتها أو تحويلها إلى كهرباء نظيفة.

وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات من هنا جاءت فكرة تجارة الكربون، إذ تستطيع شركة ما التعويض عن كل طن من الانبعاثات التي تتسبب فيها، من خلال المساهمة في مشروع منخفض الكربون أو عن طريق دفع مقابل مادي يوازي سعر طن الكربون. واتسعت هذه الفكرة إلى أسواق تربط المؤسسات والشركات والتي تولد انبعاثات الكربون بالكيانات التي لديها فائض في الحد من الكربون، أو تطور مشروعات صديقة للبيئة.

وبدأت فكرة أسواق الكربون عام 1997، عندما وقعت 180 دولة بروتوكول كيوتو، مع إمكان الدول الأكثر ثراءً تقليل انبعاثاتها من خلال الدفع مقابل تطوير مشروعات منخفضة الكربون في الدول الفقيرة، وهذا بهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بين عامي 2008 و2012 بنحو 5% دون مستويات عام 1990.

واتضح أن هذا الهدف كان طموحًا مبالغًا فيه، في عالم أدمن الوقود الأحفوري، خاصة مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من بروتوكول كيوتو عام 2001 وتبعتها دول أخرى لاحقًا، ورغم فشل الدول في إنشاء سوق عالمية لتجارة الكربون، رغم التأكيد على ذلك في المادة 6 من  اتفاقية باريس للمناخ، فإن الاتحاد الأوروبي كان أول من يتخذ خطوة على الطريق الصحيح في هذا المجال من خلال إنشاء نظام لتداول الانبعاثات عام 2005، ليغطي حاليًا أكثر من حوالي 40% من إجمالي انبعاثات المنطقة. وبصفة عامة، يوجد أكثر من حوالي 60 برنامجًا خاصًا بتجارة الكربون على المستويات المحلية والوطنية، كما أطلقت الصين نظام تداول الانبعاثات الخاصة بها العام الماضي، لتغطي جميع مبادرات تسعير الكربون ما يقرب من 20% من إجمالي الانبعاثات العالمية.

وبشكل عام يوجد نوعان وهما الأسواق الطوعية والإلزامية، في أسواق الكربون الإلزامية، تكون الشركات ملزمة بشراء أرصدة الكربون عندما تزيد انبعاثاتها على حد معين، من خلال تصاريح تُصدر من الحكومات، كما هو الحال في نظام تداول الانبعاثات الأوروبي. كما يمكن للشركات الأقل إطلاقًا للانبعاثات من الحد المسموح به بيع تصاريحها الإضافية، لكيانات أخرى تصدر انبعاثات كثيرة، وهذا يُجنب الأخيرة عقوبات تفرضها الحكومة، بموجب نظام تداول الانبعاثات.

أما أسواق الكربون الطوعية، فإنها كما يوحي اسمها تكون اختيارية، وتسمح للشركات التي تخطط للحياد الكربوني ولا تندرج تحت أنظمة تداول الانبعاثات الوطنية بأن تحقق أهداف خفض الانبعاثات، سواء من خلال تجنب الانبعاثات على طريق زراعة الأشجار مثلًا، أو إزالة هذه الانبعاثات من خلال استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وتتيح أسواق الكربون الطوعية خفض الانبعاثات على طول سلسلة القيمة، في حين تغطي الأسواق الإلزامية الانبعاثات المباشرة فقط. ورغم ذلك فإنه لا تزال الأسواق الطوعية تغطي أقل من 1% من إجمالي الانبعاثات عالميًا، مقارنة بـ20% للأسواق الإلزامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى