...

«زواج القاصرات» جريمة متكاملة الأركان.. تنتظر الحسم من البرلمان

“زواج القاصرات”.. أو الزواج المبكر ظاهرة تهدد مستقبل الفتيات، وتحول ربيع عمرهن إلى خريف تتساقط أوراقه بزيجة دون عقود موثقة وتتسبب في حرمانهن من كل حقوقهن، وحرمان أطفالهن من أي حقوق داخل وطنهن بسبب عدم تسجيلهم في قيد المواليد، ننشر في هذا الملف حلول اللجنة التشريعية لمجلس النواب، ومركز البحوث الجنائية ووقائع ناتجة عن تلك الجريمة.

– تشريعية البرلمان: قانون الأحوال الشخصية الجديد يواجه زواج القاصرات

قالت النائبة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن منع زواج الأطفال قبل سن 18، يحافظ على حقوق الفتيات وضمان استمتاعهن بفترة الطفولة، ويقضي على العادات غير الصحية في المناطق الريفية والصعيد.

وأكدت في تصريحات لـ«الدستور»، أن مناقشة اللجنة لمشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، سوف يتضمن تجريم زواج القاصرات، ويضع عقوبة على المأذون والزوج وأهل الزوجة حال ثبوت علمهم بهذا الأمر وعدم تبليغهم النيابة، مضيفة أن وقت مناقشات مشروع قانون مشابه باللجنة التشريعية، ظهرت أزمة في تسجيل الأطفال الناتجين عن زواج القاصرات، ومن ثم تقرر إرجاء المناقشة لمزيد من الدراسة.

وكانت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، برئاسة المستشار بهاء أبوشقة، قد أجلت مناقشة مشروع قانون منع زواج الأطفال، وتضمن مشروع القانون فصلًا عن حظر زواج الأطفال، حيث نصت المادة الأولى على أنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد في قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من زوّج، أو شارك في زواج طفل أو طفلة لم يبلغ الثامنة عشر من عمره وقت الزواج، ويعاقب بذات العقوبة كل شخص حرر عقد زواج، وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم.

وألزمت المادة الثانية المأذون بإخطار النيابة العامة الواقع في دائرتها مقر عمله، عن وقائع الزواج العرفي الذي يكون أحد طرفيه طفل، والتي يقوم بالتصديق عليها مرفقًا بالإخطار، صورة عقد الزواج العرفى وبيانات أطرافه وشهوده.

وعاقبت المادة الثالثة كل مأذون لم يخطر النيابة العامة بواقعة التصديق على الزواج العرفى لطفل، بالحبس لمدة لا تقل عن سنة والعزل، فيما منعت المادة الرابعة إثبات توثيق عقد زواج لمن لم تبلغ الثامنة عشر من عمرها، ولا يجوز التصديق على العقد المذكور إلا بعد موافقة محكمة الأسرة المختصة، بناء على طلب ذوي الشأن من النيابة العامة في الجريمة.

قانوني: لا توجد عقوبة جنائية لتزويج القاصرات

ومن الناحية القانونية، قال الدكتور الخطيب محمد، إنه لا يوجد في قانون العقوبات أي مواد تنص على تجريم زواج القاصرات، فليست له عقوبة لأنه دائمًا ما يتم اكتشافه عندما تقع الجريمة، مثل القتل أو التزوير وغيرها من الجرائم وتكون العقوبة وفقًا للجريمة.

وأضاف “الخطيب” أن قانون الأحوال الشخصية رقم 143 لسنة 1994 هو الذي منع توثيق عقد الزواج لمن هم دون السن القانونية المقررة وهى 18 عامًا للجنسين، موضحًا أنه إذا لم تقع جريمة فلا يعاقب في الأمر سوى المأذون فقط الذي أعد عقود الزواج ولم يوثقها، لأنه يعتبر موظفًا عامًا وتكون عقوبتها مجرد مخالفة طبقًا للائحة عمل المأذونين، وهي عقوبة إدارية وليست قانونية أو جنائيًا.

وأكد أننا في الزواج دائمًا ما نخضع للشريعة الإسلامية، وهي لم تحدد سنًا للزواج، واشترطت فقط البلوغ للطرفين، وبالتالي سن الزواج ارتبطنا بها لمن يصل عمره 18 عامًا، وفقًا للمواثيق الدولية التي تحمي الطفل وقوانين الطفل التي حددت سن نهاية الطفولة.

وأوضح أن القانون بالفعل حمى الفتاة التي تتزوج مبكرًا حقوقها وحقوق تسجيل أطفالها وقيدهم، إذا لم يوثق العقد، حيث إن المحكمة الإدارية العليا سبق أن أقرت مبدأ قضائيًا، بإلزام وزير الداخلية بتسجيل أبناء الزواج العرفي فحقوقهم محفوظة.

وقال الخطيب إن هناك مشروع قانون في البرلمان لتجريم ظاهرة زواج القاصرات، ويختص بتغليظ العقوبة لتصبح السجن وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، لمرتكبها ولكل من اشترك فيها، وكل من يدعو أو يروج لتزويج الفتيات القاصرات، وأكد أنه من الأفضل أن تكون غرامة مالية أكبر وليست السجن، طالما لن يتطرق الموضوع إلى ظرف مشدد أو جريمة، والأفضل من كل ذلك هى التوعية.

القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: منتشر فى القرى والصعيد

قالت الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن هذه الظاهرة منتشرة بصفة أكبر في القرى والصعيد، وتستهدف الفتيات اللواتي لم يكملن تعليمهن أو يكن في مواقف تمنعهن من اختيار حياتهن نتيجة الفقر والجهل، وهذا بالطبع يؤثر على الفتاة من الناحية النفسية والجسمانية، لأن جسدها لم يكن قد اكتمل وعادة ما تنتهي حياتهن جميعًا بالمرض، أو يفشل الزواج بسبب عدم التوافق وعدم التوعية وتحمل المسئولية.

وأكدت الفايد لـ”الدستور” أن هذه الظاهرة وممارساتها تخالف قانون الطفل الذي حدد سن الطفولة حتى 18 عامًا، وأنه إذا ارتكبت الفتاة أي جريمة في أقل من هذه السن تعتبر قاصرًا حتى في الزواج، فلابد من زيادة حملات التوعية ونشر الحالات التي أضُيرت من زواج القاصرات، لتكون مثالًا حيًا أمام من يرتكب هذه الأمور في حق أولاده.

– وقائع لزواج القاصرات.. «شهد» ضحية لم يسجلها والدها في الدفاتر

عادة ما تكتشف مثل هذه الوقائع عقب جرائم قتل أو تعذيب للأطفال، مثلما حدث مع طفلة تدعى “شهد” على يد والدها بمدينة نصر، حيث تلقى اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة، إخطارًا من قسم شرطة مدينة نصر أول، يفيد بتلقى إشارة من مستشفي الزهراء الجامعي باستقباله “شهد. م”، 13 سنة، طالبة، وتوفيت إثر إصابتها بكدمة بالرأس، أدت إلى نزيف داخلي بقاع الجمجمة.

واعترف والدها بارتكاب الواقعة، مضيفًا بسابقة زواجه من ابنة عمه “ش. ع”،” 28 سنة”، ربة منزل، منذ 14 سنة دون تحرير وثيقة الزواج الشرعي، ونتج عن زواجهما إنجاب المجني عليها دون قيدها بدفاتر المواليد وانفصالهما، وإقامة نجلتهما مع شقيقته “ر. م”.

وأوضح أنه يوم الواقعة وحال تردد المجني عليها على شقة سكنه، طلب منها إحضار بعض المتعلقات الشخصية خاصته، إلا أنها تأخرت عن إحضارها فقام بضربها ودفعها، مما أدى إلى ارتطام رأسها بالحائط ونتج عن ذلك حدوث إصابتها التي أدت لوفاتها.

– مأذون يرتكب 107 وقائع تزويج قاصرات

تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، من ضبط مأذون شرعي تخصص في تزوير المحررات لتزويج القاصرات، بمحافظة الشرقية.

وأكدت التحريات أن “ع. م”، 62 سنة، مأذون شرعي، ارتكب 107 وقائع تزويج قاصرات، من خلال التحايل على القوانين وإدخال الغش والتدليس على الجهات الحكومية، بموجب إبرام عقود زواج عرفية لفتيات قاصرات، بغرض الحصول على منافع مادية.

تم ضبط المتهم، وبتفتيش مسكنه عُثر على 29 عقدًا عرفيًا لحالات زواج لفتيات قاصرات، مذيلة ببصمات وتوقيعات بأسماء مختلفة، و78 إيصال أمانة خالية البيانات مذيلة بتوقيعات لأسماء مختلفة، منسوبة للأزواج وآباء الفتيات القاصرات.

– إجبار الفتيات على الزواج المبكر

قررت نيابة فاقوس العامة برئاسة عمرو الباز، رئيس النيابة، حبس أب زوّج ابنته وعمرها 13 سنة، وأنجبت طفلا، أربعة أيام على ذمة التحقيقات.

كان اللواء جرير مصطفي، مدير أمن الشرقية، قد تلقى إخطارا من اللواء محمد والي، مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ لخط حماية الطفل من شخص مجهول يتهم فيه “م. ا”، عامل، بإجبار ابنته “ف”، 13 سنة، على الزواج وهى قاصر، وأنجبت طفلًا.

وتبين من الفحص صحة البلاغ وأن الطفلة عمرها 13 سنة وتزوجت عرفيًا، وأنجبت طفلًا عمره أشهر، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 5958 إدارى قسم شرطة فاقوس لسنة 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى