عبدالعليم العوامى يكتب : أمريكا وإسرائيل وعلاقة التبنى !!
يستغرب الكثيرون من الدعم اللامتناهي والغير محدود المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية الي الكيان الاسرائيلي طوال تاريخه ومنذ انشاءه حتي الآن وبالنظر الي العلاقة المتشابكة والمركبة بين الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية يحتاج الأمر الي بعض التحليل والتوضيح من عدة أوجه حتي نفك شفرة تلك العلاقة التي أقل ما يقال عنها أنها علاقة بالتبني ..
– إن تشابه النشأة بين الدولتين كبير جدا الي حد التناسخ فقيام امريكا علي الارض المكتشفة الجديدة في قارة امريكا الشمالية بعد هجرة كثير من الاوروبين الي تلك البلاد الجديدة للبحث عن وطن جديد ومستقبل مختلف وفي سبيل انشاء هذا الوطن تم التخلص من السكان الأصليين الذين كانوا يقطنون تلك الأرض منذ فجر التاريخ وهم قبائل بدائية تعيش علي الرعي والصيد ولها طقوس دينية خاصة ، وجاء إليهم المستعمرون الجدد حاملين السلاح الحديث من أجل تطهير الأرض من هولاء الهمج الأوغاد وإقامة حضارة جديدة واستعملوا في ذلك كل أساليب القتل والتنكيل والتهجير بلا رحمة حتي تم لهم الأمر ويخلصوا من السكان الأصليين وقاموا دولتهم علي دمائهم وعلي اجتثاث روسهم والحصول علي فروة الرأس تأكيدا منهم بالاستهانة بتلك الأرواح البريئة وإمعانا في الترهيب والقسوة.
وهذا بالضبط ما حدث في النموذج المصغر وهو الكيان الاسرائيلي ،حيث هاجر اليهود من أوروبا هجرات منظمة ومحددة من أجل إقامة وطن قومي لهم علي الأرض العربية الفلسطينة التي كانت تحت الانتداب البريطاني وبدأ الامر بالهجرة ثم تشكيل قوات مسلحة عاثت في الأرض فسادا وقتلا وتهجيرا للسكان الأصليين من العرب الفلسطينين علي غرار ماتم في امريكا وكان النموذج الأمريكي ملهما للمؤسسين الاوائل للكيان المحتل وحاضرا في العقلية اليهودية في إقامة دولتهم المزعومة .
– عندما أعلنت إسرائيل عن إقامة دولة يهودية علي الأرض العربية كان أول من اعترف بها علي الفور هو الولايات المتحدة الأمريكية ورأت امريكا نفسها في هذا النموذج الصغير وهو يأخذ تفس طريقها في إقامة دولته علي أرض ليست له وعلي حساب شعب آخر بسيط حاول التمسك بارضه وثقافته فكان جزاءه القتل والتهجير ولم يجد من ينقذه من تلك الهجمية الاستعمارية،
كما تري امريكا في إسرائيل انها النموذج الامثل للثقافة الأمريكية وانها امتداد لتلك الثقافة في مقابل البدائية والهمجية وبالتالي يجوز لها التخلص من السكان الأصليين الهمجيين اذا وقفوا ضد تحقيق هذا الكيان الجديد كما فعلت هي بالهنود الحمر .
_تتشابه القصة ايضا في الضحية لهاتان الدولتان فالمأساة حاضرة في الحالتين والشعوب المستضعفة هي الضحية لتلك السعرة الاستعمارية ولكن الفرق هنا ان الشعب الفلسطيني مازا حيا ينبض بالحياة متمسكا بأرضه وتراثه وثقافته ودينه يتحدي الصعاب ويواجه الاحتلال بكل قوة وبأس ولم يستسلم بعد كما فعل الهنود الحمر .
– كذلك منذ نشأة إسرائيل ووجدت ضالتها في الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر دولة علي وجه الأرض بعد الحرب العالمية الثانية وكان القرار الاسرائيلي هو العمل علي التحكم في هذا المارد الجبار والاستفادة منه بكل الطرق وكان السبيل الي ذلك هو التحكم في رأس المال الأمريكي بشكل تام من أجل التأثير في القرار السياسي الامريكي وهذا ما حدث بالفعل
– نجد في الحرب الجارية الآن علي غزة كيف أن رأس المال هو المتحكم في كل الأحداث وكل القرارات وكل الحكومات الغربية وغير الغربية ، وأن الشركات والمنصات ووسائل الاعلامة المقروءة والمرئية تخضع جميعها لسطوة رأس المال وكيف تستغل إسرائيل كل هذا لصالحها وكيف تقف الحكومات والشركات بجانبها في كل ماتفعله خلافا لرغبة الشعوب وما تريده .
– بالاخير أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة دولة وليدة ولدت من رحم دولة ام تجمعهما علاقة التبني والرغبة الاستعمارية وتحقيق اهدافهم علي حساب الشعوب الأخري لا يمنعهم قانون ولا ضمير مهما كانت الضحايا فالهدف هو التخلص من الغير ايا كان من إجل امنهم فقط ومن أجل حياتهم هم فقط فليذهب الباقي الي الجحيم .