...

أبومازن: غزة مسئوليتنا وجاهزون للقيام بواجباتنا.. وإسرائيل ستدفع الثمن غاليا

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن السلطة الفلسطينية مسؤولة عن قطاع غزة، وجاهزة للقيام بواجباتها “فور وقف العدوان على شعبنا”، وقال في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط”، “كنا ولا نزال مسؤولين عن قطاع غزة وسنبقى مسؤولين عنه”.

وأضاف أن هجوم “طوفان الأقصى” كان مفاجئاً للجميع “ولم يكن أحد يتوقع ذلك”، مؤكداً عزم السلطة الفلسطينية على العمل مع كل الأطراف العربية والإقليمية والدولية “من أجل منع حدوث نكبة جديدة للشعب الفلسطيني”.

ووصف عباس مواقف السعودية من القضية الفلسطينية بأنها “مواقف تاريخية ومشرّفة وأصيلة وثابتة”، منوّهاً بالبيان السعودي الذي شدد على أسبقية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أي سلام شامل وتطبيع “خاصة في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة والعالم”.

واعتبر أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تمارس “ضغطاً حقيقياً وجدياً” على الحكومة الإسرائيلية لترسيخ مسار الحل السياسي المؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. وتحدث عن غياب “الشريك الإسرائيلي»” بعدما تحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “عائقاً” أمام العملية السلمية.

ورأى أن مسألة تشكيل حكومة جديدة هي شأن فلسطيني داخلي قائلاً: “دفعنا الغالي والنفيس في سبيل حماية القرار الفلسطيني المستقل، ولن نسمح لأحد بالتدخل فيه أو محاولة السيطرة عليه”.

وأكد الرئيس الفلسطيني أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية من “ثوابتنا الوطنية، حسب قرارات جميع المجالس الوطنية الفلسطينية”، وأضاف “نعمل بشكل دائم وحثيث على تجسيد استقلال دولتنا الفلسطينية التي تعترف بها معظم دول العالم، ونسعى من أجل الاعتراف الدولي التام بهذه الدولة وبرفع مكانتها في الأمم المتحدة إلى دولة كاملة العضوية”.

وشدد عباس على أنه “في الوقت ذاته سيتصدى شعبنا لكل المحاولات التي تهدف إلى اقتلاعه من أرضه، وسنعمل على المستويات كافة مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية ذات العلاقة من أجل منع حدوث نكبة جديدة للشعب الفلسطيني من خلال منع التهجير سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس الشرقية”، وتابع “هذا ما حذرنا منه العالم بأسره، والإدارة الأميركية على وجه الخصوص”، مشيراً إلى أن “مثل هذه الخطوة الخطيرة ستكون لها نتائج كارثية على المنطقة والعالم أجمع، وستدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار”.

وعن مواصفات الحل الذي من شأنه أن ينهي الأوضاع التي تعيشها غزة، أوضح الرئيس الفلسطيني أن “المأساة التي تعيشها غزة وباقي الأراضي الفلسطينية غير مسبوقة، فآلة القتل الإسرائيلية تمارس تدميراً ممنهجاً ومدروساً للقضاء على جميع مقومات الكيان الفلسطيني، اعتقاداً منها أن هذه الممارسات تحقق لها الأمن والاستقرار، وبذلك ترتكب خطأ كبيراً ستدفع ثمنه غالياً”.

واعتبر أن “الحل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام هو إيقاف هذه الحرب فوراً، وسحب جيش الاحتلال من كامل قطاع غزة من دون اقتطاع أي شبر من أرضه، والإسراع في إدخال المساعدات الإغاثية والطبية إلى داخل القطاع، لأننا لن نسمح أبداً بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه مهما كان الثمن”.

وتابع قائلاً أن المرحلة التالية يجب أن تكون عبر “التمهيد للبدء بحل سياسي قائم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، يبدأ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن الدولي، وعقد مؤتمر دولي للسلام، بضمانات دولية وبجدول زمني محدد ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، لتجسيد حل الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين”.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن إسرائيل “جربت جميع الحلول الأمنية والعسكرية ضد الشعب الفلسطيني، والتي ثبت فشلها، وقد حان الوقت الآن ليقول المجتمع الدولي كلمته فيما يتعلق بتطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية”.

وبشأن تعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني “التقينا أركان الإدارة الأميركية العديد من المرات (بلينكن خمس مرات، جيك سوليفان ووليام بيرنز مرات عدة)، وسمعنا منهم وعوداً حول حل الدولتين ودعم جهود تحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية، وكان هناك حوار عميق ومتواصل معهم، ولكن على الأرض لم يحدث شيء”.

وأضاف موضحاً “بمعنى أن إدارة الرئيس بايدن لم تمارس ضغطاً حقيقياً وجدياً على الحكومة اليمينية الإسرائيلية لنرى تطبيقاً عملياً لهذه الأقوال، فالاحتلال الإسرائيلي يمارس نهجاً واضحاً في تدمير جميع الأسس التي قامت عليها العملية السياسية، ويرفض بشكل علني قرارات الشرعية الدولية بما فيها حل الدولتين، ويشن عدواناً شاملاً على الشعب الفلسطيني، ويرتكب مجازر دموية وتطهيراً عرقياً، خاصة في قطاع غزة، وعنفاً وتمييزاً عنصرياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية”.

وأشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أن “الولايات المتحدة تواصل توفير الحماية والدعم لهذا الاحتلال، وهذا يدفعنا للقول إنه ليس المهم ماذا نسمع أو ماذا تقول الإدارة الأميركية، ولكن الأهم هو ماذا يحصل على الأرض فعلياً، وهو ما نطالب الإدارة الأميركية بتطبيقه لنتمكن من المضي قدماً في عملية سياسية جادة وواضحة قائمة على الشرعية الدولية توفر الأمن والاستقرار للجميع”.

وفي حديثه عن وجود آلية لفتح الأفق السياسي عبر قرار لمجلس الأمن، اعتبر الرئيس الفلسطيني أن “الآلية واضحة، ولكن بحاجة فقط إلى التطبيق، وهو صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي للسلام تحضره جميع الأطراف الدولية يكون تحت رعاية الأمم المتحدة، تنبثق عنه آلية للتحرك مدعومة بضمانات دولية واضحة، وبمسار سياسي يكون وفق جدول زمني محدد، يلتزم به جميع الأطراف، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة”، وأكد أن “هذا فقط يحتاج إلى إرادة دولية صادقة، خاصة من قبل الإدارة الأميركية”.

وعند سؤاله عما إذا كان قيام الدولة الفلسطينية مشروطاً باعترافها بدولة إسرائيل وتقديم ضمانات أمنية دولية للدولة العبرية، أشار عباس إلى أنه “وفق اتفاق أوسلو، تم تبادل الاعتراف بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وعلى أساسه تم توقيع الاتفاقيات الثنائية المرحلية بضمانات دولية، وكان هناك اتفاق على أساس مرحلي يليه اتفاق دائم بعد حل جميع قضايا الوضع النهائي، وتوقيع اتفاق سلام بين دولتي فلسطين وإسرائيل”.

وأضاف “نحن من جانبنا التزمنا بتنفيذ جميع ما ترتب علينا من التزامات، على الرغم من التعنت الإسرائيلي ورفضه جميع قرارات الشرعية الدولية، بل وتحديه القانون الدولي، علماً بأن دولة فلسطين قائمة ومؤسساتها تعمل وفق أفضل المعايير الدولية”، مؤكداً أنه “عند تحقيق ذلك، يكون الاعتراف قائماً ومتبادلاً بين دولتي فلسطين وإسرائيل، وبضمانات متفق عليها بين الأطراف ذات العلاقة. المطلوب الآن هو اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين”.

وعما إذا كان انضمام “حماس” إلى منظمة التحرير الفلسطينية يلزمها بالاعتراف بإسرائيل، أوضح الرئيس الفلسطيني قائلاً “نحن قلنا مراراً وأكدنا على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن من يريد الانضمام للمنظمة فعليه الالتزام بوحدانية التمثيل للمنظمة، وببرنامجها السياسي الواضح، والتزاماتها الدولية، والإقرار بالاتفاقيات التي عقدتها منظمة التحرير الفلسطينية مع الأطراف الدولية كافة، والتي بموجبها تم تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية”.

وتابع الرئيس الفلسطيني “لذلك؛ أكدنا دوماً أن باب الانتساب للمنظمة مفتوح لجميع أطياف العمل السياسي الفلسطيني بعدّ منظمة التحرير الفلسطينية بيتَ الكل الفلسطيني، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بوحدانية التمثيل للمنظمة واحترام التزاماتها العربية والدولية، وقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية”.

وبشأن استعداد السلطة الوطنية لإدارة قطاع غزة فيما سمي بـ”اليوم التالي” للحرب، أكد عباس أن “السلطة الوطنية الفلسطينية لم تترك قطاع غزة حتى تعود إليه، فمنذ وقوع الانقلاب الذي قامت به حركة حماس عام 2007، والحكومة الفلسطينية تدفع أكثر من 140 مليون دولار شهرياً للقطاع (كهرباء وماء/ وقود/ مستشفيات/ ومرتبات المتقاعدين/ التنمية الاجتماعية)، وهذا واجبنا تجاه أبناء شعبنا في غزة”.

وأضاف “لقد كنا ولا نزال مسؤولين عن قطاع غزة، وسنبقى مسؤولين عنه، وسنقوم بواجبنا تجاه أهلنا وشعبنا في قطاع غزة كباقي الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفور وقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة، فنحن جاهزون للمباشرة بالعمل للتخفيف من معاناة شعبنا والقيام بواجباتنا الملقاة على عاتقنا، بصفتنا سلطة وطنية فلسطينية، تجاه جميع أبناء الشعب الفلسطيني وفي أماكن وجوده كافة”.

وعند سؤاله عما إذا كانت مؤسسات السلطة قادرة على القيام بهذا الدور، أشار الرئيس الفلسطيني إلى أن “مؤسسات دولة فلسطين مبنية وفق أعلى المعايير الدولية، وهي قادرة على القيام بالمهام المنوطة بها على أكمل وجه ممكن، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس الشرقية”.

 

وبخصوص ما إذا كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد طلب حكومة تكنوقراط أو توافق، أكد عباس أن “تشكيل حكومة فلسطينية جديدة هو قرار فلسطيني داخلي يتخذ من أجل رعاية المصالح العليا للشعب الفلسطيني وحمايتها، وليس إذعاناً لأي مطالب خارجية سواء إقليمية أو دولية”، وتابع “نحن دفعنا الغالي والنفيس في سبيل حماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل، ولن نسمح لأحد بالتدخل فيه أو محاولة السيطرة عليهم”.

زر الذهاب إلى الأعلى