...

غارات في محيط رفح وحماس تحذر من مجزرة بشرية وتحمل أمريكا والمجتمع الدولي المسئولية

باتت رفح القريبة من الحدود مع مصر – والتي تؤوي أكثر من مليون نازح فرّوا من الدمار والمعارك في باقي مناطق القطاع – محور الترقّب بشأن المرحلة المقبلة، فيما عززت مصر الإجراءات الأمنية مخافة حدوث نزوح جماعي. وذلك بعد أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس اليوم السبت ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في قطاع غزة إلى 28064 قتيلاً غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر.
وقالت الوزارة إن 117 شخصا قتلوا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينما بلغ عدد المصابين منذ بدء الحرب 67611 جريحا.
وتستعد إسرائيل لإجلاء أكثر من مليون فلسطيني من مدينة رفح للشروع في تنفيذ هجوم بري على حماس في المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة. ويعيش هؤلاء الفلسطينيون في ظروف بائسة بعد أن نزحوا من الشمال بسبب القصف الإسرائيلي.
وحذرت حركة حماس اليوم من “مجزرة” في حال شن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح. وقالت الحركة في بيان “نحذر من كارثة ومجزرة عالمية” قد تُخلِّف عشرات آلاف القتلى والجرحى في حال تم اجتياح محافظة رفح، مضيفةً: “نحمّل الإدارة الأمركية والمجتمع الدولي والاحتلال المسؤولية الكاملة”.
وفجر اليوم ، أفاد شهود بحصول غارات في محيط مدينة رفح، التي بات يسكنها الآن نحو 1.3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكّان قطاع غزّة، وهم في غالبيّتهم العظمى أشخاص لجأوا إليها هربًا من العنف شمالًا.
وأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جيشه، الجمعة، بإعداد “خطّة لإجلاء” المدنيين من رفح، وسط خشية لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة من هجوم محتمل لإسرائيل على هذه المدينة، التي تُشكّل ملاذا أخيرا للنازحين من الحرب في قطاع غزّة.
وأفاد مكتب نتنياهو في بيان بأنّه “يَستحيل تحقيق هدف الحرب من دون القضاء على حماس وترك أربع كتائب لحماس في رفح. على العكس، من الواضح أنّ أيّ نشاط (عسكري) كثيف في رفح يتطلّب أن يُخلي المدنيّون مناطق القتال”.
وأضاف البيان: “في هذا السياق، أمر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، القوّات والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بتقديم خطة مركبة لإجلاء السكّان والقضاء على
ودأبت مصر على التحذير من احتمال أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى نزوح سكان غزة اليائسين إلى سيناء وعبرت عن غضبها من اقتراح إسرائيلي، مفاده أن تعيد إسرائيل سيطرتها الكاملة على الممر الحدودي بين غزة ومصر لضمان إخلاء الأراضي الفلسطينية من السلاح.
و جدد المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، التأكيد على أن تهجير الفلسطينيين للأراضي المصرية لن يحدث.
وقال إن معبر رفح مفتوح، مشيراً إلى أن القصف الإسرائيلي أعاق دخول المساعدات لغزة.
من جهتها، دانت الرئاسة الفلسطينيّة، الجمعة، بشدّة تصريحات نتنياهو حول “خطط مواصلة العدوان الإسرائيلي في رفح”.
وقالت الرئاسة الفلسطينيّة في بيان إنّ هذا “يُشكّل تهديدا حقيقيا ومقدّمة خطيرة لتنفيذ السياسة الإسرائيليّة المرفوضة، التي تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”.
ويتكدس أكثر من مليون شخص، نزحوا جنوبا بعد أربعة أشهر من القصف الإسرائيلي، في رفح والمناطق المحيطة بها على حدود القطاع الساحلي مع مصر التي عززت الإجراءات الأمنية مخافة حدوث نزوح جماعي.
وحذّرت الولايات المتحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسيا وعسكريا في الحرب، من وقوع “كارثة” في رفح.
وقالت واشنطن إنها لن تؤيد أي عملية عسكرية لا توفر الحماية للمدنيين، وأطلعت إسرائيل على مذكرة جديدة للأمن القومي الأميركي تذكّر الدول التي تتلقى أسلحة أميركية بالالتزام بالقانون الدولي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين: “لا توجد معايير جديدة في هذه المذكرة. نحن لا نفرض معايير جديدة للمساعدات العسكرية”. وأضافت “لقد أكدوا (الإسرائيليون) استعدادهم لتقديم هذا النوع من الضمانات”.
وقبلها قال نائب المتحدّث باسم الخارجية الأميركيّة فيدانت باتيل، الخميس، إنّ واشنطن “لم ترَ بعد أيّ دليل على تخطيط جاد لعمليّة كهذه”، محذّرا من أنّ “تنفيذ عمليّة مماثلة الآن، من دون تخطيط وبقليل من التفكير في منطقة” نزح إليها مليون شخص، “سيكون كارثة”.

وبعد ساعات، وجّه الرئيس جو بايدن انتقادا ضمنيا نادرا إلى إسرائيل. وقال إن “الردّ في غزّة… مُفرط”، مؤكّدا أنّه بذل جهودا منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيّين.
وأنهى وزير الخارجيّة الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس، جولة إقليميّة هي الخامسة له منذ اندلاع الحرب، سعى خلالها للدفع في اتّجاه هدنة طويلة تُتيح الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة وإيصال مزيد من المساعدات. وتُواصل واشنطن العمل للتوصّل لصيغة اتفاق بالتعاون مع الدوحة والقاهرة.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن “قلقه” إزاء هجوم على رفح، محذرا من “تداعيات إقليميّة لا تُحصى”. ورأى أنّ “عملا مماثلا سيزيد في شكل هائل ما هو أصلا كابوس إنساني”.
وقال فيليب لازاريني، المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، الجمعة، إنّ “هناك شعوراً بالقلق” في رفح لأنّ الفلسطينيين الذين تضيق بهم المدينة “لا يعلمون البتّة إلى أين يمكن أن يذهبوا”.
من جهته، أعلن مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنّ الخطّة الإسرائيليّة لمهاجمة رفح “تثير القلق”، مضيفا أنّ “هذا الأمر ستكون له تداعيات كارثيّة، تُفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلا، (فضلا عن) خسائر لا تُحتمل في صفوف المدنيين”.

زر الذهاب إلى الأعلى