...

هذا هو ابن زيدون الذي غنى له عمرو دياب صاحب شعار” الكلمة مش مهمة”

 

أظرف تعليق كتبته إحدى الفتيات عن غناء عمرو دياب لبيتين من شعر ابن زيدون هو تساؤلها” مين ابن زيدون ده” التعليق ليس غريبا على جيل من الشباب لايعرف شيئا عن تراث اجداده العظماء، وللأمانة ليس غريبا على جمهور عمرو دياب صاحب مدرسة” الكلمة مش مهمة”

بالتأكيد يشكر عمرو دياب أن غنى لابن زيدون ليقترن اسمه باسم واحد من شعراء العربية الكبار، ويكفر عن ذنبه في عدم الاهتمام بالكلمة في اغلب أغانيه، لاحظ أنك تتذكر مثلا كلمات أغاني تم تقديمها منذ مئة عام لانها كلمات مكتوبة بعناية شديدة، أما كلمات أغاني عمرو دياب وتامر حسني وحماقي وغيرهم فأغلبها كلام عابر لايمكنك أن تتذكره.

البيتان اللذان غناهما عمرو دياب هما:

والله ما طلبت أهواؤنا بدلا منكم ..ولا انصرفت عنكم أمانينا

أَضحى التَنائى بَديلًا مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا

ولهذه الفتاة التي تساءلت في استغراب واندهاش ” مين ابن زيدون ده؟” نقول

إن أحمد بن زيدون ولد (1003- 1071م)  فى قرطبة، وكان أبوه فقيها وله أصول قرشية، بينما كان جدّه لأمه وزيرًا.

و لمع اسم ابن زيدون فى ميدان الشّعر، وفى أحد مجالس قرطبة التقى بـ ولادة بنت المستكفي، وقد كان والدها خليفة، وقد عنى والد ولادة بتعليمها وتثقيفها، فأصبحت تقول الشّعر وتجيد العزف على الآلات الموسيقيّة.

صارت ولادة تستقطب الشّعراء وأهل الفن إليها، وممّن جذبتهم ابن زيدون، فوقع فى حبّها وبادلتْه الحب.

لكن ظهور الوزير أبى عامر بن عبدوس أفسد كل شيء، فقد اهتمت به ولادة وتناست ابن زيدون الشاعر، الذى راح يهاجم الوزير فانتهى الأمر به فى السجن بعد اتّهامه بالاستيلاء على عقار لبعض مواليه بعد موته، لكنه هرب من السجن.

وبعد هروبه ذهب إلى أشبيلية ومن هناك راح يعاتب ولادة ويقول لها:

أَضحى التَنائى بَديلًا مِن تَدانينا

وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا

فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقودًا بِأَنفُسِنا

وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولًا بِأَيدينا

وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا

فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا

ب نتُم وَبِنّا فَما اِبتَلّت جَوانِحُنا

شَوقًا إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا

نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا

يَقضى عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا

حققت القصيدة شهرة كبيرة وصارت رمزا على أدب الفراق، وقد عارضها الكثير من الشعراء، حتى أن  هناك نحو 52 قصيدة تعارض نونية ابن زيدون لعل أشهرها قصيدة أحمد شوقي:

وكان بين المعارضين حافظ إبراهيم ومصطفى صادق الرافعى وعلى الجارم ومصطفى وهبى التل ونقولا فياض.

جاءت أشهر معارضة من أمير الشعراء أحمد شوقى، والذى كتب قصيدة يا نائح الطّلح وهو في إسبانيا عام 1916م، واستلهم في قصيدته التاريخ العربي في الأندلس، وأورد بعضًا من مشاعر الحسرات والحزن والتوجُّع، فكانت القصيدة تُثير عاطفة الحزن والنّوح معًا:

يـا نـائِحَ الطَـلحِ أَشـبـاهٌ عَـواديـنـا

نَـشـجـى لِواديـكَ أَم نَـأسـى لِواديـنـا

مــاذا تَــقُــصُّ عَـلَيـنـا غَـيـرَ أَنَّ يَـداً قَــصَّتـ

جَـنـاحَـكَ جـالَت فـى حَـواشـيـنـا

رَمـى بِـنـا البَـينُ أَيكاً غَيرَ سامِرِنا

أَخــا الغَـريـبِ وَظِـلّاً غَـيـرَ نـاديـنـا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى