...

الحرب فى غزة.. المقاومة ترفض التفاوض تحت خط النار .. والاحتلال يسعى إلى الحسم المستحيل

الحرب في غزة مستمرة وبوتيرة قوية تحصد معها أرواح مئات الفلسطينيين يوميا، فيما تسجل خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وفيما تدور الأنباء عن مساع إقليمية ودولية للتوصل إلى تهدئة تمهد لتبادل المحتجزين والأسرى، تؤكد حركتا حماس والجهاد رفضهما لأي وقف مؤقت للحرب وتمسكهما بوقف شامل لإطلاق النار والعودة لأوضاع ما قبل 7 أكتوبر.

ولكن إسرائيل ترفض هذا الطرح وتؤكد مضيها بالحرب حتى القضاء على حركة حماس واستعادة المحتجزين بالقوة وتحت النار.

فالفصائل الفلسطينينة ترفض ترك السيطرة على غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار، حيث نقلت رويترز عن مصادر مصرية أن حماس وحركة الجهاد تتمسكان بأبرز محاور المفاوضات، التي رعتها القاهرة وهي أنه لا تنازل عن القطاع، حتى لو استمرت الحرب.

وأبدت الحركتان خلال محادثات منفصلة مع وسطاء مصريين مرونة محدودة تمثلت في استعدادها إطلاق سراح المزيد من المختطفين الذين اختطفوا في السابع من أكتوبر الماضي.

واقترحت مصر رؤية أيدها أيضا الوسطاء القطريون تتضمن وقفا لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح المزيد من الرهائن، وتؤدي إلى اتفاق أوسع يتضمن وقفا دائما لإطلاق النار إلى جانب إصلاح شامل للقيادة في غزة التي تتولاها حاليا حماس.

وطرح المصريون إجراء انتخابات وضمانات لحماس بعدم مطاردة أعضائها أو ملاحقتهم قضائيا، لكن الحركة رفضت تقديم أي تنازلات سوى إطلاق سراح الرهائن.

واشترطت حماس زيادة واستمرار المساعدات وأن تجد طريقها لكل الفلسطينين في كافة أنحاء القطاع، مشددة على إنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي شرطا رئيسيا، قبل إجراء المزيد من المفاوضات، والحديث عن صفقة تبادل.

وأصر المفاوضون الفلسطينيون على أن أي عملية تبادل يجب أن ترتكز على مبدأ الكل مقابل الكل؛ أي إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجهاد في غزة مقابل إطلاق سراح جميع الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
كيف السبيل للوصول إلى حل في ظل هذا التناقض بالرؤى؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب خلال حديثه لـ “غرفة الأخبار” على”سكاي نيوز عربية:

ارتكاز المبادرة المصرية على ثلاث مراحل: تشمل المرحلة الأولى تبادل إطلاق سراح دفعة من الأسرى من الطرفين وتشمل المرحلة الثانية تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تشرف على إعادة إعمار غزة والإشراف عليها والإعداد لانتخابات فلسطينية. لتشمل والمرحلة الثالثة استكمال صفقة تبادل الأسرى كليا بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.
البحث والحديث عن هدنة أطول من شأنها أن تبرد الحرب في القطاع.
سعي الوسطاء إيقاف استهداف المدنيين من نساء وأطفال من قبل الجيش الإسرائيلي بصواريخ محرمة دوليا.
رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إيقاف إطلاق النار وإيقاف الحرب حتى لا يضع نهاية لمساره السياسي.
تعرض نتنياهو إثر نهاية الحرب إلى المحاسبة بسبب إضعافه للمنظومة الأمنية نتيجة إنشغال الأجهزة الأمنية والجيش في قضايا جانبية الإصلاح القضائي أو كما وصفته المعارضة بالانقلاب القضائي.
رغبة إسرائيل القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة كان واضحا من خلال تصريحات وزير الثقافة الإسرائيلي عميحاي إلياهو الذي دعا إلى “ضرب غزة بقنبلة نووية”.
ما يحدث في غزة تعدى مرحلة الانتقام لما حصل في 7 أكتوبر.
رفض نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة واستقرار الأمن في هذه المنطقة.
على الاحتلال أن يقتنع أن القرار باختيار من يحكم غزة يعود إلى اهل غزة وأنه آن الأوان لإنهاء الاحتلال.
لم يتم بعد تقديم الطرح الجديد للتسوية الذي تقدمت به إسرائيل والقاضي بإخراج قادة حماس من قطاع غزة بشكل رسمي لقطر أو لمصر.
من المتوقع رفض المقاومة لهذه الرؤية ولهذا الاقتراح ولن يعاد السيناريو الذي حصل في بيروت مع الراحل ياسر عرفات.
ضرورة الذهاب إلى هدنة يطلق فيها كل المدنيين من الجانب الإسرائيلي لدى المقاومة مقابل 400 أسير فلسطيني بالسجون الإسرائيلية.
وجود فترة هدوء يتم من خلالها التفكير لتشكيل حكومة تكنوقراط ورسم الخارطة الفلسطينية كاملة إضافة إلى النظر في كيفية إدارة الوضع في غزة والضفة الغربية.
يجب على إسرائيل واليمين الإسرائيلي الاقتناع بأن ما يقومون به لا يصنع سلاما في المنطقة وإنما يصنع مزيدا من العنف.
يسعى الجانب الفلسطيني إلى إجراء انتخابات لاستعادة الشرعية التي تم منعها من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 2020، عندما تم منع إجراؤها في مدينة القدس.
ضرورة إيقاف جرائم القتل في المنطقة بشكل كامل لنتمكن من إيقاف صناعة مزيد من الكراهية التي لن تفضي إلى سلام في العالم.
إمكانية الوصول إلى تهدئة بأسرع مما نتوقع تقود إلى مستقبل أفضل.
هل تحسم إسرائيل موقفها عسكريا؟

من جهته، يؤكد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، نائل زعبي، عضو الليكود ومن مؤيدي نتنياهو، اتفاق الشارع الإسرائيلي مع تصريحات نتنياهو بمواصلة الحرب حتى تحقيق الأهداف واستعادة المحتجزين، حيث قال لـ “غرفة الأخبار” إن:

الشارع الإسرائيلي مصر على محاسبة حماس على أحداث السابع من أكتوبر وإعادة المختطفين إضافة إلى إعادة سكان غلاف غزة إلى بيوتهم.
تعتبر حركة حماس العائق الوحيد للتقدم في عملية المفاوضات على حساب أهل غزة.
ليس لإسرائيل أي إشكال مع المدنيين في غزة، وإنما هي تسعى فقط لتخليصهم من حركة حماس.
حركة حماس هي من قام برفض المبادرة المصرية بغرض التلاعب وفرض ضغوط نفسية على إسرائيل.
حركة حماس هي من فرضت الحرب على إسرائيل وعلى أهل غزة.
لا رغبة للإسرائيليين وللحكومة الاسرائيلية بمعاقبة الفلسطينيين.
ضرورة مساءلة حركة حماس عما يحصل من قتل في غزة واستعمالهم للمدنيين كدروع بشرية.
إسرائيل لن تقبل بأي حل مع وجود حركة حماس في غزة.
ما تم اقتراحه حول ترحيل قادة من حماس مقابل إنهاء الحرب كان اقتراحا مصريا وليس إسرائيليا.
الحرب ستكون طويلة، ولن تنتهي بأشهر قليلة.
تحظى إسرائيل بالدعم المعنوي والمادي الأميركي.
رد فعل إسرائيل طبيعي بعد أحداث السابع من أكتوبر.
إسرائيل لا تسعى إلى التفاوض مع أو بقاء حماس في غزة، فلا يمكن لحماس الاستمرار بأن تكون متاخمة للحدود الإسرائيلية.
رفض الفصائل

من ناحية ثانية، يقول الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبد الفتاح خلال حديثه لـ “غرفة الأخبار” على”سكاي نيوز عربية:

لا يمكن الرهان على التصريحات المسربة قبل انتهاء المفاوضات.
رفض حماس أن تكون خارج المشهدين السياسي والأمني في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بناء على مطلب اسرائيلي مدعوم أميركيا.
ضرورة تجنب أن يشعر كل طرف بأنه حقق مكسبا على حساب الطرف الآخر وحتى لا تتجمد المفاوضات وتفشل.
سعي القاهرة إلى اقناع الإسرائيليين بالعدول عن فكرة مواصلة العدوان.
وجود تغير في نبرة الخطاب المسؤولين والمحللين الإسرائيليين فيما يتعلق بهدف القضاء على حماس.
دعوة إسرائيل تهجير قيادات حماس إلى دولة ثالثة كقطر أو تركيا وإخراجهم من غزة لضمان عدم إعادة سيناريو السابع من أكتوبر مرة أخرى.
تأكيد إسرائيل من خلال هذا المطلب عجزها عن القضاء على حركة حماس.
تأكيد قيادات حماس رفضها الخروج من غزة وسعيها إلى إعلان انتصارها على إسرائيل من خلال تبادل الأسرى ونفى ادعاءات إسرائيل القضاء عليهم مثلما صرحت.
تعد الحرب الحالية حربا غير متماثلة ولا يمكن تقييمها استراتيجيا بالكلفة أو الخسائر وإنما بمدى الاقتراب من تحقيق الأهداف.
انتصار حماس في هذه الحرب يعيد تموضعها السياسي في داخل الساحة الفلسطينية وعلى الصعيد الإقليمي.
حرص القاهرة على جعل المستحيل ممكنا أمام التصلب الحمساوي الإسرائيلي.
يمارس كل من الفلسطينيين والإسرائيليين لعبة عض الأصابع، حيث يعلن من يصرخ أولا اعترافه بالهزيمة أمام الطرف الآخر، بغض النظر عن حجم الخسائر المؤلمة.
يمكن للمبادرة المصرية أن تنجح في حال تم رعايتها عربيا ودوليا ومساندة أميركية بمزيد الضغط على حكومة نتنياهو من أجل وقف الحرب والاكتفاء باستعادة الأسرى.
يعد سيناريو مستقبل غزة ووضع حماس إشكالا يقف أمام المبادرة المصرية خاصة أمام تعنت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ورفضهما تواجد حماس على الساحة السياسية المستقبلية لغزة.
مطالبة مصر بإعادة بدء عملية السلام من أجل إقامة دولة فلسطينية، باعتباره الحل الوحيد الحقيقي لجميع أزمات المنطقة، على الرغم من عدم استعداد إسرائيل والولايات المتحدة لتلبية هذا الطلب.
المعضلة الحقيقية للجميع هو كيفية استبعاد حماس أمنيا عسكريا سياسيا من مستقبل غزة والقضية الفلسطينية برمتها.
مثلما استعصى استبعاد حماس عسكريا والقضاء عليها عسكريا سيكون من الصعب أيضا استبعادها سياسيا من مستقبل القضية الفلسطينية.

زر الذهاب إلى الأعلى