...

ترقب إماراتي للخروج من القائمة الرمادية بعد إجرائها إصلاحات مالية كبيرة

تترقب الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع الخروج من “القائمة الرمادية” التابعة لهيئة رقابية عالمية، وذلك بعد حملة ضيقت الخناق على التدفقات المالية غير المشروعة العابرة للدولة الخليجية الغنية بالنفط.

أجرى المُقيّمون من “مجموعة العمل الدولية” (فاتف) زيارة ميدانية الشهر الماضي، وقدموا تقييماً لاحقاً بشأن خطة عمل الإمارات، أشاروا فيه إلى التقدم الملحوظ الذي أحرزته الدولة، وفق أشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لخصوصية المحادثات.

يُرتقب رفع الإمارات من القائمة بحلول 23 فبراير، والذي يعد اليوم الأخير من الاجتماع العام للمجموعة في باريس، وفق المطلعين على الأمر. ولم تُتخذ قرارات نهائية بعد.

كشفت “بلومبرج” في أكتوبر الماضي أن مندوبي 3 أعضاء على الأقل في “فاتف”، الذين أيدوا سابقاً إدراج الإمارات على قائمة الدول الخاضعة لمزيد من المراقبة، دعموا رفع البلد من القائمة في موعد أقربه فبراير 2024.

ديفيد لويس، السكرتير التنفيذي السابق في “فاتف”، والذي يشغل حالياً منصب العضو المنتدب في شركة “كرول” (Kroll)، قال إنه “نادراً ما تصل دولة إلى هذه المرحلة الأخيرة ولا تُرفع من القائمة. مع ذلك؛ قد تشير “فاتف” إلى “وجوب القيام بمزيد من العمل”.

للرفع من القائمة الرمادية، لا بد من تصويت أغلبية أعضاء “فاتف” على أن دولة ما قد أحرزت تقدماً كافياً منذ بدء فترة التقييم. وتكفي أصوات قليلة معارضة لإبقاء الدولة على القائمة، بحسب المطلعين على الأمر. ويقل عدد أعضاء “فاتف” قليلاً عن 40 عضواً، ولبعضهم نفوذ أكبر من غيرهم.

في أواخر العام الماضي، قام مسؤولون إماراتيون بجولة في أهم الدول الأعضاء في “فاتف”، وشملت تلك الجولة زيارات إلى الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة، بهدف حشد الدعم. وكان الالتفاف على العقوبات على روسيا والعملات المشفرة محور النقاش مع الشركاء الأجانب، بحسب ما كشفته “بلومبرج”.

وقال أحد المسؤولين إن الإمارات حريصة على مكافحة التمويل غير المشروع، مضيفاً أن بلاده تواصل “زيادة فعالية نظامنا الوطني وفقاً لأفضل الممارسات العالمية”. فيما رفض متحدث باسم “فاتف” التعليق.

من شأن رفع الإمارات من القائمة خلال الشهر الجاري، إعطاء إشارة إلى التحسن السريع الذي حققته الدولة التي أضيفت إلى قائمة الدول الخاضعة للمراقبة المشددة في مارس 2022. أشار تحقيق نشرته “بلومبرغ” حينها إلى مكانة دبي باعتبارها وجهة لعدد من أغنى أثرياء العالم المنفيين. فبعد غزو أوكرانيا، أصبحت الإمارات واحدة من 3 دول في الشرق الأوسط، التي جذبت بقوة الأثرياء الروس. وقد ساعد ذلك في تجنب الدولة الخليجية الآثار الاقتصادية المشابهة لتلك التي حدثت في بعض الدول الأخرى المُدرجة على القائمة الرمادية.

ابتسام الأسود، رئيسة استشارات الجرائم المالية الإقليمية في شركة “التميمي آند كو” للمحاماة ومقرها في دبي، قالت إن “الإمارات تعد مركزاً مالياً ناشئاً. وأهميتها للسوق المالية العالمية كانت جزءاً من الدافع المنطقي لقرار (فاتف) بإدراجها على القائمة الرمادية، لكنه يوضح أيضاً المرونة النسبية التي اتسمت بها الإمارات في مواجهة التبعات المترتبة على إدراجها بالقائمة”.

وبعد الموجة الأولى من التدفقات الداخلة، بدأت البنوك الإماراتية بتشديد التدقيق في معاملات مواطنين من عدة جنسيات، من بينهم الروس، وذلك ضمن الجهود التي بذلتها الحكومة بهدف الرفع من القائمة.

كما شُددت الرقابة على تحويلات الأموال، سواء كانت من شركات تعيد الأموال إلى روسيا أو تنقلها إلى دولة ثالثة، وفق ما كشفته “بلومبرغ” في نوفمبر الماضي. وقد طالبت بعض البنوك بمزيد من المستندات، وجمدت الأموال في بعض الأحيان، في إطار بحثها عن أسباب التحويلات أو استفسارها عن مصدر تلك الأموال.

وقالت الحكومة إنها فرضت غرامات مرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بلغت نحو 250 مليون درهم (69 مليون دولار) خلال الفترة ما بين شهري يناير وأكتوبر 2023، ويمثل هذا المبلغ زيادة بأكثر من 3 أضعاف الغرامات المفروضة في العام السابق.

من المفترض أن يلاقي رفع الإمارات من القائمة الرمادية ترحيباً من البنوك الأميركية على وجه الخصوص، خصوصاً أن العديد منها يقوم بعمليات كبيرة داخل الدولة، وعانت تلك البنوك في ظل زيادة تكاليف الامتثال منذ الإدراج على القائمة، ما اضطر بعضها إلى إسناد مزيد من العمليات إلى الهند.

ضمن الجهود التي بذلها المسؤولون الإماراتيون بغية الرفع من القائمة الرمادية، إلقاء القبض على بعض الشخصيات البارزة؛ حيث سلّمت إلى الدنمارك في أواخر العام الماضي سانجاي شاه، المتداول بصندوق تحوّط، والمتهم بالاحتيال على الحكومة الدنماركية بمبلغ 1.3 مليار دولار في عملية احتيال عبر التداول بممارسة “كم – إكس” (CUM-EX).

كما ألقى المسئولون القبض على أتول وراجيش غوبتا، المطلوبان في جنوب أفريقيا بتهمتي غسل الأموال والاحتيال، رغم رفض محكمة محلية طلب الدولة الأفريقية تسليم الشقيقين.

في غضون ذلك، طلبت السلطات الأنغولية تسليم إيزابيل دوس سانتوس، وهي مليارديرة أخرى وجدت ملاذاً في دبي. وقد أنكر شاه، والشقيقان غوبتا، وسانتوس الاتهامات المنسوبة إليهم.

رغم إشادة بعض حلفاء الإمارات بالتقدم الذي أحرزته الدولة ضمن “فاتف”، فإنهم أشاروا، بشكل منفصل، إلى قلق مستمر إزاء البلد الخليجي.

وفرضت السلطات الأمريكية عقوبات على شركات شحن مقرها في الإمارات، نتيجة انتهاك سقف السعر المفروض على النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.

كما دعا مسئولون غربيون الإمارات لتجنب أن تكون بوابة لالتفاف روسيا على القيود المفروضة على التكنولوجيا الخاضعة للعقوبات. ورد مسؤول حينها بأن الإمارات تراقب باستمرار تصدير المنتجات مزدوجة الاستعمال.

رغم الإصلاحات الحديثة في قطاع الذهب، توجد نقاط ضعف، بحسب مارسينا هنتر، المديرة في “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود”. وقالت هنتر: “يبدو أن هذا ليس مجرد إجراء تتخذه الإمارات لتحسين الصورة. بيد أن أفعال بعض الأطراف داخل الدولة قد تهدد بإضعاف المساعي الصادقة من جانب بعض المسؤولين الإماراتيين نحو تعزيز الالتزام وتحصين إجراءات العناية الواجبة”.

زر الذهاب إلى الأعلى