...

اليمين المتطرف .. هل يكتب بداية النهاية للاتحاد الأوروبي؟

تتجه أنظار العالم إلى أوروبا التي تشهد في 2024 انتخابات برلمانية يراها اليمين المتطرف «معركة» لإنهاء تدخل الاتحاد في السيادة الوطنية.

تلك الانتخابات التي تُجرى في يونيو 2024، يسعى اليمين المتطرف من خلالها، لـ«إنهاء تجاوزات الاتحاد الأوروبي وتدخله في السيادة الوطنية للدول الأعضاء».

وتتزايد معدلات الدعم لأحزاب اليمين المتطرف، بحسب استطلاعات الرأي التي تتوقع أن يقود الهولندي خيرت فيلدرز والفرنسية مارين لوبان ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أحزابهم المتشددة للفوز في انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل.

وقالت صحيفة «تلغراف» البريطانية، إنه من المتوقع أن يشكل منتقدو الاتحاد الأوروبي أكثر من ثلث أعضاء البرلمان الأوروبي الذي تهيمن عليه منذ فترة طويلة المجموعات المؤيدة للتكتل.

ومن المتوقع أن تشكل الأحزاب اليمينية المتشددة المعارضة بشدة لبروكسل والمناهضة للهجرة ما يصل إلى 25% من أعضاء البرلمان الأوروبي، مقارنة بـ11% فقط قبل عقد من الزمن.

وكانت انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2014 قد شهدت انتصارا كبيرا لمؤيدي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بقيادة نايجل فاراج.

التغيير مطلوب

واعتبر فاراج أن «الطفرة الشعبوية التي ستشهدها الانتخابات الأوروبية الربيع المقبل، ستشكل بداية نهاية الاتحاد الأوروبي في شكله المركزي الحالي»، مضيفًا: «يا إلهي، كان بإمكاني قيادة مجموعة كبيرة!»، في إشارة إلى تحالفات الاتحاد الأوروبي التي شكلتها الأحزاب ذات التفكير المماثل في البرلمان.

وتقود وزيرة العدل المجرية السابقة جوديت فارجا حملة انتخابية تقول إن هدفها «أن تظهر للناخبين الأوروبيين أن هناك بديلا، وللنضال من أجل الحصول على أغلبية محافظة في البرلمان العام المقبل».

وفي تصريحات لـ«تلغراف»، قالت فارجا: «لا يمكن تجاهل صوت الناخبين السياديين»، مضيفة: «التغيير مطلوب في بروكسل.. لقد حان الوقت للحديث عن الواقع والحياة اليومية للناس بدلاً من الاستماع إلى الأكاذيب وإنكار الحقيقة من البيروقراطيين في بروكسل».

واعتبرت أنه «إذا لم نحدث تغييرا في يونيو المقبل، فبعد 50 عاما لن نتعرف على أوروبا التي نعرفها اليوم»، مضيفة: «سيغمرون القارة بأعداد كبيرة من المهاجرين، وسيخونون الأقليات القومية والجذور المسيحية للآباء المؤسسين، ويمحون ثقافة الإجماع».

وفي إيطاليا، يقود ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء تحالفًا لعموم الاتحاد الأوروبي من الأحزاب اليمينية المتشددة في البرلمان الأوروبي، قائلا: إن «أوروبا الجديدة ممكنة».

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأحزاب المتشككة بشدة في الاتحاد الأوروبي ستكون هي الأكبر، أو الأكبر بشكل مشترك، في 10 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.

ومن المتوقع أن يكون نصف أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يمثلون فرنسا وإيطاليا وقبرص والمجر ينتمون إلى حزب متشكك في الاتحاد الأوروبي.

تأثير حقيقي

ورغم أن المؤشرات تؤكد أنه ستظل هناك أغلبية كبيرة من أعضاء البرلمان الأوروبي المؤيدين للاتحاد الأوروبي إلا أن الزيادة في عدد أعضاء البرلمان الأوروبي من اليمين المتشدد يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على تشريعات الاتحاد الأوروبي، خاصة إذا صوتوا مع يمين الوسط.

ومن المرجح أن تنضم أحزاب اليمين المتشدد إلى واحدة من مجموعتين متشككتين في أوروبا وإذا اتحدوا معًا لتشكيل مجموعات سياسية، فإنهم مؤهلون للحصول على مزيد من التمويل من الاتحاد الأوروبي ووقت للتحدث في البرلمان.

ومن بين الفائزين المتوقعين في الانتخابات الأوروبية حزب القانون والعدالة البولندي، الذي أطاح به دونالد تاسك المؤيد للاتحاد بعد ثماني سنوات في السلطة، رغم أنه كان الحزب الأكبر منفردًا لكنه لم ينجح في حشد الدعم الكافي لتحقيق الأغلبية.

ومن المتوقع أن يفوز حزب فلامس بيلانج البلجيكي، والديمقراطيون السويديون، وحزب التجمع الوطني بزعامة لوبان، وحزب إخوان إيطاليا بزعامة ميلوني، وحزب فيدس بزعامة أوربان، وحزب الحرية بزعامة فيلدرز.

جدير بالذكر أن متوسط نسبة النواب اليمينيين المتشددين في البرلمانات الوطنية وصل في 2023، إلى أعلى مستوى له منذ عام 2010 عند حوالي 14.35% وسترتفع هذه النسبة في 2024، وفقا لاستطلاعات الرأي.

وأعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عن قلقه من أن يقود خوف الناخبين من المجهول إلى دعم الأحزاب الشعبية اليمينية، قائلا إن «الخوف يولد استجابة أمنية».

وفيما اعتبر المسؤول الأوروبي أن الاستحقاق الذي سيجرى في القارة العجوز، سيكون حاسمًا مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حث الناخبين على اختيار القوى السياسية التي تقدم تحليلًا واضحًا، بحسب صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية.

وفي تصريحات لصحيفة «الجارديان» قال بوريل: «أخشى الخوف، وأن يصوت الأوروبيون لأنهم خائفون.. لقد ثبت علمياً أن الخوف في مواجهة المجهول وعدم اليقين يولد هرمونًا يدعو إلى استجابة أمنية.. هذه حقيقة».

وأضاف: «نحن مغناطيس لمئات الآلاف من الأشخاص الذين يرغبون في المجيء إلى أوروبا، ومن السهل أن نفهم السر عندما نقارن مستوى معيشتنا»، معتبرا أن أوروبا «أفضل مزيج من الحرية السياسية والازدهار الاقتصادي، والتماسك الاجتماعي تمكن البشر من خلقه».

وحول وضع الاتحاد الأوروبي في ظل الحرب في أوكرانيا، أكد بوريل على التهديد المحتمل لمستقبل التكتل، مشددًا على الحاجة إلى تغيير سريع في المسار لتجنب الهزيمة في أوكرانيا. وزعم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يهدف إلى فوز أوسع.

وسلط بوريل الضوء على أهمية الاتحاد الأوروبي ودوره في منع روسيا من الفوز بالحرب، وتساءل عما إذا كانت أوروبا مستعدة للقيام بكل ما يتطلبه ذلك الأمر، وما إذا كانت مستعدة لصراع طويل ومكثف، قائلا: «ربما هذه هي اللحظة التي يتعين علينا فيها أن ننظر إلى الخطر القادم من قوة عظمى تهدد ديمقراطيتنا وتهدد أوروبا نفسها وليس فقط أوكرانيا».

وأضاف: «إذا لم نغير المسار بسرعة وإذا لم نقم بتعبئة جميع قدراتنا، فسيسمح ذلك لبوتين بالفوز في الحرب في أوكرانيا».

أما عن الحرب في غزة، فاعتبر بوريل أن هزيمة حركة حماس تتطلب أفكارًا أفضل وليس فقط الأعمال العسكرية، قائلا: «إذا لم نتمكن من إيقاف المأساة التي تحدث في غزة أعتقد أن المشروع الأوروبي سيتضرر كثيرا».

زر الذهاب إلى الأعلى