...

بعد إعلان بيع 12 طائرة.. تحرك برلماني وموجة من الغضب والتساؤلات

شبهة إهدار مال عام وخسائر فادحة.. ربع مليار دولار فوائد.. وإقتراض تجاوز الـ 190 مليون دولار من البنوك المحلية

النائبة مها عبد الناصر: الصفقة بنيت على أسباب غير تجارية أو مصالح غير مباشرة.. وتوجد شبهة إهدار مال عام

النائب محمود قاسم: يجب الرد كتابة لمعرفة كافة الحقائق حول هذه التصريحات المثيرة للغضب

كتبت- دينا بهاء

موجة غضب وتساؤلات عديدة وتعليقات ساخرة سيطرت على الرأي العام الأيام السابقة بسبب قرار بيع 12 طائرة من نوعي إيرباص “A220-300”.

ومع إعلان الشركة القابضة لمصر للطيران عن بيع الطائرات بسبب عدم ملاءمتها لظروف مصر المناخية، انطلقت موجة من السخرية والتهكم على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج “بضاعة أتلفها الهوى”.

وتحرك أعضاء البرلمان ما بين طلبات الإحاطة والأسئلة بشأن حالة الغموض في صفقة البيع، خاصة أن البيان الرسمي لم يتطرق إلى أي تفاصيل منها سبب عدم الاستغناء عن الطائرات المشابهة، وهل البيع بسبب تسديد قروض شراء الطائرات السابقة، وهل سيتم شراء طائرات بديلة، ومن يتحمل فرق السعر بين الشراء بالفوائد والبيع، واصفين القرار ب “الفشل الذريع” و “إهدار المال العام”.

شبهة إهدار مال عام

وقالت النائبة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمُقراطي، اننا تابعنا جميًعا خلال الساعات القليلة الماضية التصريحات التي أقل ما يُقال عنها انها في غاية الغرابة من جانب السيد رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران، تلك التصريحات التي كان مفادها أن الشركة قد تعاقدت على بيع 12 طائرة من طراز أيرباص.  A220-300.

وذلك بعد شرائها من حوالي 5 سنوات بسبب عدم ملاءمتها للظروف الجوية  المناخية، وعلى الرغم من أننا لا نعلم ما هي الظروف المناخية والجوية التي يتحدث عنها رئيس الشركة التي تؤثرعلى طائرات تُحلق بمختلف بقاع الأرض وفي جميع مناخ العالم.

وتابعت إنها تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى كلا من السيد رئيس مجلس الوزراء، والسيد وزير الطيران المدني، وذلك بشأن وجود شبهة إهدار مال عام في صفقة بيع 12 طائرة من أسطول شركة مصر للطيران.

مصر للطيران لم تقم بإي دراسات اقصادية أو هندسية

وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن ذلك الأمر يُشير بشكل كبير إلى عدم قيام مصر للطيران بإجراء دراسات اقتصادية وهندسية صحيحة قبل التعاقد على تلك الصفقة، حيث أن السبب الوحيد المنطقي التي تلجأ اليه الشركات لمثل هذه الامور هو وجود أخطاء فنية في تحديد إحتياجات الشركة، أو أن تلك الصفقة بنيت على أسباب غير تجارية  أو مصالح غير  مباشرة.

كما أردفت عضو مجلس النواب، أن ذلك ليس هو أغرب ما  جاء بتلك الواقعة،  حيث صرح رئيس الشركة بأن مصر للطيران إتجهت لبيع تلك الطائرات كي تستخدم عوائد الصفقة في سداد ثمن القرض الذي تم شرائها من خلاله.

الطائرات غير مطابقة للمواصفات ولم تعلن عنها الشركة

كما أكدت «عبد الناصر» على أن ذلك الأمر الغريب والمُريب هو الذي دفعنا للبحث في أبعاد وملابسات تلك الواقعة التي تُشير بكل وضوح إلى وجود  شبهة إهدار صريح وواضح للمال العام، حتى توصلنا إلى ما يلي.

تعاقدت الحكومة في عام 2017 على شراء تلك الطائرات على دفعات، بدأت ما بين شهري سبتمبر 2019 وسبتمبر 2020، وكان الهدف المُعلن من تلك الصفقة تنفيذ خطة تطوير لشركة مصر للطيران من أجل رفع معدلات تنافسيتها، بعد التراجع الكبير في أدائها وتصنيفها في مؤشرات جودة خطوط الطيران العالمية، أي أن معدل تشغيل تلك الطائرات هو فقط 4 سنوات، فما الذي تغير خلال تلك المدة القصيرة، أم أن تلك الطائرات من البداية لم تكن مطابقة للمواصفات أو بها عيوب لم تُعلن عنها الشركة منذ وقت التعاقد، أم أنه لم يتم تجربة تلك الطائرات قبل التعاقد على شرائها، كلها أسئلة وجيهه تحتاج إلى توضيح حقيقي وواقعي.

فوائد القروض

واستكملت، أنه وفق ما هو مُعلن فإن تلك الطائرات تم شرائها بواسطة قرض، وهنا يأتي تساؤل هام للغاية ما هي تكلفة ذلك القرض ومن سيتحمل فوائد ذلك القرض التي تم سدادها على مدار السنوات الماضية، بلا شك تحملتها خزينة الدولة، وهو ما نرى أنه إهدار غير مسبوق للمال العام.

وأشارت، إلى أنه في الفترة ما بين عامي 2020 – 2024 كانت معدلات الفائدة على القروض التجارية بمختلف أنحاء العالم في إرتفاع جراء الاضطرابات الاقتصادية التي عصفت بمختلف الدول جراء جائحة كورونا ومن ثم النزاع العسكري بين روسيا وأوكرانيا، واخيرًا تبعات الحرب على قطاع غزة، ما يعني أنه بأقل التقديرات يمكن أن نقول إن فائدة ذلك القرض تتراوح ما بين 5% – 7% سنويًا.

ربع  مليار دولار تكلفة فوائد شراء الطائرات

فإذا افترضنا وفق ما هو متداول أن سعر الطائرة الواحدة تقريبًا 91 مليون دولار، أي أن إجمالي سعر الصفقة حوالي مليار و92 مليون دولار، مع وضع أقل معدل فائدة على ذلك القرض وهو نسبة الـ 5%  سنكون بصدد ربع مليار دولار تقريبًا تحملتهم خزينة الدولة كفوائد عن ذلك القرض نتيجة قرارات غير  مفهومة و مدروسة، فبكل تأكيد لن تجني صفقة بيع تلك الطائرات قيمة القرض وفوائده، بل إنها من الممكن ألا تجني قيمة القرض بدون احتساب الفوائد من الأساس.

فحتى الآن لم تُعلن الشركة عن قيمة صفقة البيع، وهو ما يجب أن تُعلن عنه بكل وضوح وشفافية نظرًا لإن تلك المعلومة في غاية الاهمية.

3 خسائر فادحة بسبب قرار البيع

كما أكدت «عبد الناصر»، على أن الشركة طالما قررت بيع هذا العدد من الطائرات فإنها ستكون بحاجة إلى التعاقد على طائرات جديدة، وفي حالة أن البيع قد تم بقيمة تقل عن سعر الشراء سنكون أمام ثلاث خسائر، الأولى هي فرق ثمن القرض بدون الفوائد، والثانية هي قيمة الفوائد التي تم سدادها على مدار 4 سنوات، والثالثة هي أنه بكل تأكيد ستلجأ الشركة للإقتراض كي تتعاقد على طائرات أخرى، وهو ما سيحملنا فوائد دين جديدة.

اجمالي الإقتراض تجاوز 190 مليون دولار

خاصة وأن الشركة بلا شك لا تمتلك السيولة الكافية لشراء طائرات جديدة نقدًا في ذات الوقت التي تكبدت فيه خسائر تجاوزت الـ 30 مليار جنية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما جعلها تتجه للإقتراض بشكل مكثف، حتى أن إجمالي إقتراضها قد تجاوز حاجز الـ 190 مليون دولار من البنوك المحلية فقط.

وبهذا الصدد أشارت الدكتورة مها، إلى أن شركة مصر للطيران والقائمين عليها يسيرون نحو الهاوية بسرعة البرق، فالوضع بالشركة أصبح من سيء لأسوء، حيث أن الشركة قد خرجت مؤخرًا من تصنيف أفضل 100 شركة طيران على مستوى العالم لأول مرة في التاريخ، على الرغم من أنه منافسيها الإقليميين مثل مثل الخطوط الجوية الإثيوبية في المرتبة الـ 35، والخطوط الجوية الجنوب إفريقية في المرتبة الـ 72، والخطوط الجوية الكينية في المرتبة الـ 73، فكيف يعقل هذا الوضع الذي آلت إليه تلك الشركة العريقة التي كانت واحدة من عمالقة الطيران حول العالم.

وأختتمت «عبد الناصر» طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة وكافة الجهات الرقابية في مصر بفتح تحقيق عاجل وسريع وشفاف حول أبعاد وملابسات تلك الصفقات  سواء صفقة شراء تلك الطائرات أو صفقة بيعها، والوقوف على أسباب إهدار المال العام بهذا الشكل المستفز، ومحاسبة المسئولين عن الشركة ووزارة الطيران في حال ثبوت  وجود قرارات من شأنها  إستنزاف  موارد  خزينة الدولة.

حيث أن المال العام لا يجوز أن يكون عرضة لمثل تلك الوقائع وأوجه الإنفاق الغير سليمة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها الدولة، فغض الطرف عن مثل تلك الوقائع هي بمثابة جريمة سياسية واقتصادية في حق الدولة والمواطنين الذين تحملوا سداد تكلفة  هدر للمال العام  في وقت يحاربون فيه من أجل توفير أبسط إحتياجاتهم الأساسية.

سؤال برلماني عن حقيقة البيع لسداد قروض

تسائل النائب محمود قاسم، عضو مجلس النواب، عن إشارة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران إلى أن صفقة البيع بسبب عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية وسنستغل حصيلة الصفقة في سداد ثمن قرض شراء الطائرات وسنسلم أول طائرة من الصفقة لشركة أزور للطيران خلال الشهر المقبل، وباقي الطائرات على دفعات حتى مارس 2025.

وتابع “قاسم” أن التصريحات تم تناولها على استحياء في أحد المواقع الإعلامية المغمورة، ولكن هناك مواقع إعلامية أخرى تناولتها عن الموقع الذي نشرها، متسائلا: لماذا لم يتم تأكيد أو نفي هذه التصريحات؟.

وقال عضو مجلس النواب إنه تقدم بسؤال إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الفريق محمد عباس حلمي وزير الطيران المدني، حول تصريحات رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران، يحيى زكريا الذي قال فيها إن الشركة تعاقدت على بيع 12 طائرة من طراز إيرباص A220-300.

الرد  كتابةً لمعرفة كافة الحقائق

وطالب “قاسم” من وزير الطيران المدني الرد كتابةً على سؤاله لمعرفة جميع الحقائق حول هذه التصريحات الخطيرة، قائلاً: “أتمنى ألا تكون صحيحة؛ لا سيما أنها لو كانت صحيحة فإن ذلك يتبعه بالضرورة الرد على جملة من التساؤلات والاستفسارات التي تشغل الرأي العام حالياً، خاصة بعد انتشار الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي، وإحداث نوع من البلبلة لدى المواطنين، الأمر الذي يتوجب معه على الوزير ضرورة الخروج بالرد على تلك التساؤلات بصورة سريعة وقاطعة”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى