...

إمام بالأوقاف: هذا هو الفرق بين قيام الليل و التهجد و التراويح

كتبت منار سالم

قال الشيخ إبراهيم كامل، الإمام بالأوقاف، إن هناك فرق بين صلاة التراويح و قيام الليل و التهجد.

و أوضح كامل، لـ٦٠ دقيقة، أن قيام الليل، هو عبارة قضاء الليل ولو ساعة منه بالصلاة أو غيرها من العبادات، سواء أسبقه نوم أم لم يسبقه، فلا يشترط أن يكون بالصلاة أو مستغرقاً لأكثر الليل، فمن انشغل في الليل أو في ساعة منه بقراءة القرآن أو سماع الحديث أو تسبيح أو صلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يعد قائما لليل، ويعد فعله قيام ليل، كما لا يشترط أن يسبقه نوم، فمن فعل ذلك بغير نوم، أو نام مدة في الليل ثم استيقظ فقام بفعل ذلك، فكل ذلك يعتبر قيام ليل.

وتابع كامل، التهجد أحد صور قيام الليل، حيث إنه يكون بالصلاة في الليل بعد النوم، فهو قيام ليل مخصوص بالصلاة وسبق النوم، فإن لم يسبقه نوم لا يكون تهجداً، وإن صح أن يكون قياما، والتهجد هي الصورة الأفضل في قيام الليل؛ لأن قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- كان تهجدا، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.

و أضاف كامل، أن أفضل أوقات التهجد جوف الليل الآخر؛ لما روى عَمْرو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: ((جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ)) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

و مضى يقول، إن قسم الليل ستة أسداس، فالأفضل مطلقا السدس الرابع والخامس من الليل؛ لما روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ((أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا)) أخرجه البخاري في صحيحه.

و تابع كامل، أما لو أراد أن يجعل الليل نصفين أحدهما للنوم، والآخر للقيام، فالنصف الأخير أفضل؛ لقلة المعاصي فيه غالباً، ولاشتماله على الثلث الأخير، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)) أخرجه البخاري ومسلم.

وأوضح كامل، أن عدد ركعات التهجد، اتفق الفقهاء أن أقلها ركعتان خفيفتان؛ لما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)) أخرجه مسلم في صحيحه، ولا حد لأكثر عدد ركعات التهجد، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقوم بثلاث عشرة ركعة بالوتر، وروي بإحدى عشرة ركعة، إلا أن ما ثبت من عدد ركعاته تهجده -صلى الله عليه وسلم- لا يفيد النهي عن النقصان عن هذا العدد أو الزيادة عليه.

و أشار كامل، إلى أن الشفع ركعتين قبل الوتر، والوتر، صلاة تفعل ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر تختم بها صلاة الليل، سميت بذلك لأنها تصلى وترا، ركعة واحدة، أو ثلاثا، أو أكثر، ولا يجوز جعلها شفعاً، والوتر سنة مؤكدة، وليس واجبا على الصحيح.

و قال كامل، كيفية صلاة الوتر فذلك حسب عدد ركعاته، فالمصلي إما أن يوتر بركعة، أو بثلاث، أو بأكثر، فإن أوتر المصلي بركعة ركع وسجد وتشهد فيها وسلم، وإن أوتر بثلاث يجوز له أن يصلي الثلاث ركعات متصلات بتشهد واحد، ويجوز أن يصليها بتشهد بعد الثانية من غير تسليم، وتشهد بعد الثالثة، وذلك كالمغرب، ويجوز له الفصل بينها فيصلي ركعتين، ثم يسلم ويصلي ركعة، وكل هذه الصور صحيحة.

وتابع كامل، إذا صلى المسلم الوتر، ثم أراد أن يصلي بعد ذلك فله عند الفقهاء طريقتان، الطريقة الأولى: أن يصلي شفعاً ما شاء، ثم لا يوتر بعد ذلك، وعليها الجمهور، والطريقة الثانية وعليها القول الآخر عند الشافعية، أن يبدأ نفله بركعة يشفع بها وتره، ثم يصلي شفعاً ما شاء ثم يوتر، وذلك جمعا بين الحديث الذي ينهى عن وترين في ليلة.

و قال كامل، الحديث الذي يأمر أن تكون آخر الصلاة من الليل وتراً ، قال النووي في “المجموع شرح المهذب، إذا أوتر قبل أن ينام ثم قام وتهجد لم ينقض الوتر على الصحيح المشهور، وبه قطع الجمهور، بل يتهجد بما تيسر له شفعاً، وفيه وجه حكاه إمام الحرمين وغيره من الخراسانيين أنه يصلي من أول قيامه ركعة يشفعه، ثم يتهجد ما شاء، ثم يوتر ثانياً، ويسمى هذا نقض الوتر].

و أكد كامل، أن التراويح، جمع ترويحة، أي ترويحة للنفس، أي استراحة، من الراحة وهي زوال المشقة والتعب، والترويحة في الأصل اسم للجلسة مطلقة، وسميت الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالترويحة للاستراحة، ثم سميت كل أربع ركعات ترويحة مجازا، وسميت هذه الصلاة بالتراويح؛ لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كل أربع ركعات للاستراحة.

و أشار إلى أن صلاة التراويح، هي قيام شهر رمضان، و تصلى ليلًا في رمضان بعد صلاة العشاء.

و قال كامل، اتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح، وهي عند الحنفية والحنابلة وبعض المالكية سنة مؤكدة، وهي سنة للرجال والنساء، وهي من أعلام الدين الظاهرة، فعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ عَلَيْكُمْ وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه النسائي.

وتابع كامل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» أخرجه البخاري في صحيحه.
قال الإمام النووي في” المجموع شرح المهذب” ، فَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ.
وعليه فصلاة التراويح سنه سنها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها.

و أضاف كامل، أنه ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء وقبل الوتر إلى طلوع الفجر؛ لنقل الخلف عن السلف، ولأنها عرفت بفعل الصحابة فكان وقتها ما صلوا فيه، وهم صلوا بعد العشاء قبل الوتر؛ ولأنها سنة تبع للعشاء فكان وقتها قبل الوتر.

و تابع لو صلاها بعد المغرب وقبل العشاء فجمهور الفقهاء على أنها لا تجزئ عن التراويح، وتكون نافلة عند المالكية، وعلل الحنابلة عدم الصحة بأنها تفعل بعد مكتوبة وهي العشاء فلم تصح قبلها كسنة العشاء، وقالوا إن التراويح تصلى بعد صلاة العشاء وبعد سنتها، قال المجد: لأن سنة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار، فكان إتباعها لها أولى.

و أشار كامل، إلى قوا الشيخ زكريا الأنصاري في “أسنى المطالب في شرح روض الطالب”، فَرْعٌ: وَوَقْتُ الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ مِنْ بَعْدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، وَإِنْ جَمَعَهَا تَقْدِيمًا (إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي) لِنَقْلِ الْخَلْفِ عَنْ السَّلَفِ.
و تابع كامل، عليه فصلاة التراويح تكون بعد صلاة العشاء وقبل الوتر، ولا تجزئ صلاتها قبل العشاء، والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى