...

مصر عضو فى البريكس رسميا.. البريكس منظومة عالمية.. الصين تعتزم خلق منافسين للدول الكبرى.. السفير الروسي: 500 شركة تعمل فى مصر

تنضم مصر رسمياً إلى مجموعة “بريكس” مع بداية عام 2024، وهي خطوة يعتبرها خبراء “مهمة” في سبيل الإصلاح الاقتصادي، وبالتالي المساعدة على تقليل الطلب على الدولار.

مصر في عضوية بريكس

تشهد مصر أزمة في توفير العملة الصعبة، منذ سنوات، مع تفاقم معدلات التضخم خلال العامين الأخيرين، وحرّرت القاهرة عملتها ثلاث مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، ما دفع سعر الجنيه المصري إلى الانخفاض أمام الدولار بنحو 25% خلال عام 2023، وبنحو 50% منذ مارس 2022.

وكانت مجموعة “بريكس” قد دعت في أغسطس الماضي، 6 دول إلى العضوية بدءاً من يناير 2024، وهي مصر والسعودية والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا.

الفائدة من “بريكس”

في عام 2006، اتفقت البرازيل وروسيا والهند والصين على تشكيل مجموعة اقتصادية وسياسية تعرف بـ “بريك”، باستخدام الحرف الأول من اسم كل دولة. وفي عام 2010 انضمت جنوب إفريقيا إلى هذه المجموعة، مما أدى إلى تغيير اسمها إلى “بريكس”.

ويرى محمود محيي الدين، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أن الفائدة الكبيرة تكمن في الإعلان عن تنسيق بين الدول الخمسة (الصين والهند وجنوب أفريقيا وروسيا والبرازيل)، والدول الجديدة المنضمة، اعتباراً من يناير الجاري، مشيراً إلى أن “بريكس”، “منظومة عالمية جديدة مختلفة عن المنظومة الموجودة حالياً”.

ويوضح محي الدين، أن دول “بريكس” تولي اهتماماً كبيراً لمستقبل النظام النقدي العالمي، مشيراً إلى أن هذا الموضوع يختلف عندما يتحدث الناس عن النظام المالي العالمي، حيث يرتبط بمستقبل مؤسسات مالية كبيرة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي، فضلاً عن مؤسسات القطاع الخاص.

الصين تعتزم خلق منافسين للدول الكبرى

تعتزم الصين الضغط على كتلة “بريكس” للأسواق الناشئة، لتصبح “منافساً شاملاً” لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، هذا الأسبوع.

واعتبر محيي الدين، أن وجود مصر في هذا التجمع “سيخلق فرصاً جيدة”، سواء من خلال التنسيق ككتلة أو مجموعة، لافتاً إلى أن هناك أيضاً فرصاً للحوارات الثنائية على هامش هذه اللقاءات.

وتركز “بريكس” على مستوى القمة المؤسسية، ولكن هناك أيضاً جهود تحضيرية يشارك فيها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية والمؤسسات ذات الصلة بالنمو والتنمية.

ويؤكد أن هذا “يفتح مجالاً جديداً للتعاون، مع زيادة الفرص لفهم المجالات المختلفة للتطوير وتعزيز الاقتصاد والاستثمار في العنصر البشري، وضمان استثمار فعّال في البنية التحتية، وتعزيز فرص التصدير وغيرها من المبادرات”.

واعتبر رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، أن انضمام مصر إلى “بريكس” سيسهم في زيادة التبادل التجاري مع مصر، خصوصاً مع إمكانية استخدام مصر لمبادلة العملة، مما يسهل التجارة والتبادل بالعملات المحلية.

ويوضح الفقي، أن مصر، كعضو في “بريكس”، الذي يشمل 11 دولة بعد انضمام 6 دول، يمكنها الآن إجراء مبادلة العملة، مثلما وقعت مصر اتفاقية مقايضة بين الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة اسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري و5 مليارات درهم إماراتي (1.4 مليار دولار)، حيث يتوقع الفقي توقيع المزيد من الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة.

ومثل الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة “بريكس” حوالي 29% من الاقتصاد العالمي في عام 2023، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، وذلك بعد موافقة التكتل على توسيع عضويته.

وتشير المعلومات إلى وجود حوالي 40 ألف شركة تابعة للدول الخمس المؤسسة لـ “بريكس” في مصر، ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد بشكل ملحوظ مع تنفيذ خطط التعاون الاستثماري بين الدول الأعضاء، وفقاً لمسؤول في الهيئة العامة للاستثمار في مصر.

وأوضح هاني محمود، نائب أول رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، كيفية تأثير انضمام مصر لـ”بريكس” على الطلب على الدولار في السوق المصرية.

واعتبر محمود، أن دخول مصر في “بريكس” هو “خطوة هامة” في سياق الإصلاح الاقتصادي داخل مصر، حيث يشير إلى أن وجود مصر في هذا التكتل سيساعد على تقليل الطلب على الدولار، حيث سيتم التعامل بالعملات المحلية بين مصر وهذه الدول، ويشير إلى أن حجم الميزان التجاري مع هذه الدول كبير جداً، مثل الصين والهند وجنوب إفريقيا، وسيجعل انضمام مصر يقلل من الطلب على الدولار.

وأشار إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى تخفيض في سعر الدولار، وفي نفس الوقت قد يسهل بعض الاتفاقيات الجمركية والضريبية بين البلدان، مما يساهم في تخفيف الأسعار.

وفيما يتعلق بالتبادل التجاري بين مصر ودول التكتل بعد توسعه، فقد مثّل نحو ثلث حجم تجارة مصر مع دول العالم، حسب بيانات صندوق النقد الدولي، وزادت صادرات مصر إلى دول “بريكس” بنسبة 5.3% في العام الماضي، لتبلغ 4.9 مليار دولار، في حين زادت الواردات 11.5% للعام نفسه لتصل إلى 26.4 مليار دولار.

وفي هذا السياق، أكد سفير روسيا بالقاهرة جيورجي بوريسينكو، أهمية عضوية مصر لتجمع “البريكس” التي بدأت هذا العام، في ضوء أنها دولة محورية في الشرق الأوسط وإفريقيا ولها تأثير كبير على الساحة الدولية، موضحا أن مصر ستسهم في اتخاذ قرارات مهمة حول تنمية العالم في المستقبل خاصة في مجال الاقتصاد وكذلك في التنسيق فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وأضاف بوريسينكو ـ في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الثلاثاء/ ـ أن دول البريكس المؤسسة (تجمع يعد من أكبر المنظمات في العالم)، ترغب في إقامة نظام متعدد الأقطاب يكون أكثر عدالة بديلا عن نظام القطب الواحد وهي تحدد حاليا قواعد اللعبة في العالم، مشيرا إلى أن آلية البريكس بدأت في استخدام العملات المحلية في التعاملات التجارية وكذلك في تنفيذ مشروعات للتنمية الاقتصادية.

وعبر عن اعتقاده بأن استخدام العملات المحلية سوف يكون مفيدا لجميع الدول المنضمة حديثا بما في ذلك مصر التي سوف تحل مشكلة العملة الصعبة في البلاد حيث سيتم التعامل بالجنيه المصري أو الدرهم أو اليوان وأية عملة أخرى لدول البريكس؛ ما سينتج عنه مرونة أكثر في التبادل التجاري بين هذه الدول، مشيرا إلى أن اقتصاديات دول البريكس أكثر نموا بكثير من مجموعة دول السبع الصناعية.

وأفاد بأن 35 في المئة من تجارة روسيا مع دول العالم يتم فيها استخدام عملة الروبل و27 في المئة بعملة اليوان الصيني و27 في المئة بالدولار الأمريكي و11 في المئة باقي العملات الأخرى.

وعن العملة الموحدة، قال السفير الروسي إن الناتج الإجمالي المحلي لدول البريكس المؤسسة يقدر بأكثر من 30 تريليون دولار أو 29 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، موضحا أن خبراء المال في البريكس يدرسون آفاق إصدار العملة الموحدة التي تتطلب وقتا للتقييم في ضوء مصالح وأولويات دول البريكس لأنها تقع في قارات مختلفة ولكن هناك رؤية موحدة تجمعها وهي إقامة نظام عادل في العالم.

وعن المشروعات، قال إن دول البريكس تعمل على خلق الظروف الملائمة للدول للاستثمار المتبادل، متوقعا أن تحصل مصر على مزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال من دول مثل الصين والهند وروسيا.

وحول أولويات البريكس، قال بوريسينكو إن موسكو تضع على رأس أولوياتها خلال رئاستها البريكس، العمل على اندماج الأعضاء الجدد في فعاليات وأنشطة البريكس في ضوء انضمام خمس دول جديدة، مشيرا إلى أنه سوف يتم عقد أكثر من 200 فعالية ومؤتمر في إطار رئاستنا.

وأوضح أن روسيا سوف تطرح خلال رئاستها مشروعات اقتصادية جديدة تستهدف تعزيز تعاون اقتصادي بين دول البريكس، مؤكدا أنه لا توجد دولة تفرض تبني مصالح معينة على الدول الأخرى ولكن نتبنى موقفا موحدا يسعى إلى تنمية اقتصاديات البريكس بدون ممارسة ضغوط.

وعن التعاون مع مصر، قال سفير روسيا بالقاهرة جيورجي بوريسينكو إن عام 2023 شهد حوارا سياسيا مكثفا حيث زار الرئيس عبد الفتاح السيسي، روسيا للمشاركة في قمة روسيا – إفريقيا التي عقدت في مدينة سان بطرسبرج في يوليو الماضي، وعقد مباحثات منفصلة ثنائية مع الرئيس فلاديمير بوتين، مشيرا إلى إجراء عدة محادثات هاتفية بين الرئيسين المصري والروسي خلال هذا العام من بينها محادثة هاتفية قدم بوتين فيها الشكر لمصر في مساعدتها على إجلاء المواطنين الروس من غزة عبر معبر رفح.

وأوضح أن هناك حوارا مستمرا بين وزيري الخارجية في كلا البلدين حيث زار سامح شكري روسيا أربع مرات هذا العام فضلا عن مقابلته وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف عدة مرات في مؤتمرات وفعاليات دولية مختلفة، وكان آخرها على هامش المنتدى الروسي – العربي في مراكش، لافتا إلى انعقاد اللجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني في مارس الماضي بالقاهرة برئاسة وزير التجارة والصناعة أحمد سمير ووزير الصناعة الروسي دينيس مانتوروف التي بحثت سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات كافة.

وعن الاستثمارات، قال بوريسينكو إن روسيا تعمل على تنفيذ عدة مشروعات مشتركة من بينها إقامة المنطقة الصناعية الروسية، مشيرا إلى أن هناك 500 شركة روسية تعمل في السوق المصري.. متوقعا أن نرى اهتماما متزايدا من الشركات الروسية بدخول السوق المصري وتصنيع المنتجات فيها بعد انضمامها للبريكس.

وأفاد بأن الاستثمارات الروسية في مصر تبلغ قيمتها 5ر4 مليار دولار بالإضافة إلى 7 مليارات دولار أخرى متوقع دخولها مع بدء العمل في المنطقة الصناعية الروسية..معبرا عن أمله أن يصدق البرلمان المصري على بروتوكول التعديلات للاتفاقية المبرمة لإقامة المنطقة الصناعية الروسية التي سيعقبها البدء في بناء البنية التحتية والمنشآت في المنطقة والعمل على جذب الشركات الروسية من القطاع الخاص لإقامة مشروعات فيها.

وعن التبادل التجاري بين البلدين، قال إنه بلغ 1ر6 مليار دولار عام 2022 ومن المتوقع أن يصل إلى 2ر7 مليار دولار بنهاية عام 2023 طبقا للإحصاءات الروسية، مضيفا أن روسيا تعد أهم مورد للقمح لمصر حيث صدرت موسكو لمصر نحو 8 ملايين طن من القمح في العام الزراعي الذي انتهي في يونيو 2023..مؤكدا استعداد موسكو تصدير الفائض في الإنتاج الزراعي الذي بلغ 150 مليون طن من الحبوب من بينها 100 مليون طن من القمح.

وحول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، أعرب عن أمله في الانتهاء من المفاوضات حول إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد هذا العام بعد حل بعض المسائل العالقة فيما يتعلق بالتجارة بين الجانبين، مشيرا إلى أنه تم عقد حتى الآن ست جولات من المفاوضات التي بدأت عام 2019 ولكنها توقفت بسبب كوفيد – 19..مؤكدا أن هذه الاتفاقية سوف تمنح الفرصة لمصر لزيادة تجارتها مع دول الاتحاد.

وعن السياحة، فقد قدر عدد السائحين الروس الذين قضوا أجازاتهم في مصر إلى 5ر1 مليون سائح بنهاية عام 2023، مشيرا إلى أنه يتم تسيير 18 رحلة يوميا بين المدن الروسية والمنتجعات السياحية في مصر.

وطالب بتبني تسهيلات لاستخدام بطاقة الائتمان (مير) الروسية في مصر التي يحتاجها الروس في التعاملات التي من المؤكد أنها ستؤدي إلى زيادة أعداد السائحين الروس إلى مصر، مؤكدا أن السائحين الروس يحبون قضاء أجازاتهم في الشتاء بمصر بسبب طقسها المعتدل والمنتجعات السياحية الشهيرة في الغردقة وشرم الشيخ وكذلك زيارة المعالم الأثرية.

وحول التعاون الثقافي، قال إنه كان هناك تعاون مكثف في هذا المجال حيث انتهى العام المصري الروسي الإنساني في سبتمبر عام 2023 بعد أن استمر قرابة ثلاثة أعوام ونصف، موضحا أن هذا العام شهد تبادل الفرق الموسيقية والبالية، وتم تنظيم العديد من المعارض للرسم والنحت وغيرها والموائد المستديرة بينما عقد أول منتدى إعلامي بين مصر وروسيا في يونيو الماضي.

وعبر عن سعادته بوجود 16 ألف طالب مصري يدرسون في الجامعات الروسية في العام الدراسي الأخير في حين هناك أكثر من ألف طالب روسي يدرسون في الجامعات المصرية من بينها جامعة الأزهر.

زر الذهاب إلى الأعلى