“عيد أبت”.. كيف احتفل المصريون القدماء برأس السنة؟
يستعد العالم لتوديع عاما واستقبال آخر، وهي المناسبة التي يجري الاحتفال بها بطرق مختلفة ومتنوعة، في معظم دول العالم، حيث يمتلك كل مجتمع طقوسه الخاصة، التي يقضي بها الساعات الأخيرة من العام، ويستقبل بها الساعات الأولى من العام الجديد.
والاحتفال برأس السنة، ليست بدعة جديدة أو مستحدثة، حيث كان المصريون القدماء، يحتفلون برأس السنة على طريقتهم الخاصة، وبطقوسهم الفريدة والمتميزة.
الباحث الأثري أحمد عامر، قال إن المصريين القدماء، عرفوا الاحتفال بالعديد من الأعياد في سنتهم القديمة، وبما أن مصر بلد زراعي في المقام الأول، فالأعياد ارتبطت بالتقويم “أول السنة ونصفها وبداية الفصول”، ومنها ما إرتبط بالزراعة “البذر، الحصاد، الفيضان”، وأثناء هذه الأعياد كانت ترتل أناشيد الطقوس، وتزين المعابد وتضاء، وتقدم القرابين، ومن أهم طقوس الأعياد أن يري الشعب تمثال الإله.
وأضاف أن التماثيل كانت تخرج من المقصورة، وتنتقل إلي مكان آخر، بعد أن تزين بالتمائم وقلائد الذهب، وتوضع في قارب، حيث كانت السفن بوجه عام تمثل للمصري القديم، وسيلة النقل المعروفه الأكثر انتشارا، وكانت توضع أمام تماثيل الإله أعلام مزينة بصورة إلهية مثل “وب واوات” أي “فاتح الطريق”، وعند الدخول للمعبد، يوضع تمثال الإله على قاعدة حجرية عالية، ليراها كل الناس ويقومون بتقديم القرابين والبخور والأدعية.
وتابع الباحث الأثري، أن المصريين القدماء كانوا يحتفلون بعيد رأس أو فاتحة سنتهم الزراعية، وهو عيد قومي عام لا يزال يحتفل به حتي الآن يتمثل قي الإحتفال برأس السنة، القبطية المعروفة باسم “عيد النيروز”، الذي ظلت مصر تعترف به عيدا قوميا حتى العصر الفاطمي.
وأشار إلى أن المصريين القدماء أطقوا على بداية سنتهم اسم “أبت”، وهو رأس السنة المصرية القديمة، وكان احتفالهم بها مهيبًا، حيث ينتظر أهالي طيبة الشهر الثاني من فصل الفيضان بفارغ الصبر، وكان الملك ابن الإله “آمون” يخرج في رحلة من معبد الكرنك، ليزور معبد الأقصر فتزين له السفينة المقدسة الخاصة به، وتوضع في مقصوراتها الخاصة التي تشبه الطاووس وتتبعها سفينة الإله “موت” زوجة “آمون”، وسفينة ابنهما “خونسو” ويكونون ثالوث “طيبة” المقدس.
عامر: احتفل المصريون برأس السنة بتقديم القرابين والرقص والموسيقى في آخر ليلة وحتى الاتحاد مع قرص الشمس
المعبد كان يفتتح للإله بتقديم القرابين، حسب الباحث الأثري، وتحمل السفن علي أكتاف الكهان من المعبد إلى النيل، وتنقل إلي أماكن مجهزة لها في السفن المقدسة الكبيرة بمراسيه أمام ميناء المعبد، ويسير قارب “آمون” المطلي بالذهب في المقدمة فينعكس بريقه على الماء، ويتبعه بقية القوارب، والملك والملكة والكهان والجنود والبخور والموسيقون والراقصات في موكب آخر على الشاطئ، يغنون ويرقصون في موكبهمم.
وأوضح أن الشعب كان يستقبل هذا الموكب في المعبد، وتنحر الذبائح وتقدم القرابين إلى الإله، وتنتقل السفن المقدسة إلى الأماكن المخصصة لها في المعبد، ويقدم الملك القرابين مرة أخرى، وحين ينقضي العيد، يعود الركب إلى معبد الكرنك مرة أخرى، وتستمر الاحتفالات عدة أيام.
وأوضح أن عيد “إبت”، عُرف من خلال مناظر موجودة بمعبد الأقصر، ترجع لعهد الملكين توت عنخ آمون وحور محب، حيث تقف فرقة الموسيقيين لتحية الموكب، كما تقف كاهنات “موت”، ومعهن الآلآت الموسيقية، كما تنظم الشرطة الملكية الاحتفال، وعند النيل تنزل المراكب، تتبعها مراكب القرابين.
وواصل الباحث الأثري أنه علي الشاطئ، كان يقف الناس ويهللون ويهتفون ويساعدون في دفع المراكب في سعادة، ويرقصون ويرتلون الأناشيد ويعزفون بالصلاصل، ويبدأ عيد الاحتفال بالسنة الجديدة قبلها بليلة، حيث يتوجه مجموعة من كبار الكهنة عددهم أربعة كهنة أساسيون في المعبد والكاهن المرتبط بـ”دندرة”، الذي يطلق عليه عازف الموسيقى، إلى المقصورة الموجودة أقصى يمين الحائط الجنوبي، ويطلق عليها “بيت اللهب”، ويؤدون بعض الطقوس، وحول المقصورة توضع القرابين، حيث يتحقق الاتحاد مع قرص الشمس، والذي يحدث عند بزوغ أشعة الشمس، أول أيام العام الجديد.