...

بلومبرج: صفقة رأس الحكمة أنقذت مصر من أسوأ أزمة اقتصادية تعرضت لها

 

في توقيت بالغ الحساسية استطاعت مصر التعافي من أسوأ أزمة اقتصادية كانت تواجهها من عقود، وهي أزمة العُملة الصعبة التي كانت تعاني منها البلاد وأدت إلى تراجع كبير في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار والعملات الأجنبية، فيما سرعان ما عاد الجنيه إلى التعافي على الرغم من تعويم سعر صرفه بسبب تأمين الدولارات اللازمة التي كان يحتاجها الاقتصاد المصري.
وذكر تقرير مطول نشرته وكالة “بلومبرج’ أن “أزمة العُملة التي كانت تشهدها مصر هي الأسوأ منذ عقود، وكادت أن تؤدي الى انهيار الاقتصاد، لولا صفقة التطوير السياحي بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات العربية المتحدة والتي أنقذت الاقتصاد المصري”.
وذكرت الوكالة أن الصفقة تعتبر”أكبر استثمار داخلي في تاريخ مصر، وقد أدت إلى ضخ الدولارات التي أنقذت الاقتصاد ومهدت الطريق لرفع أسعار الفائدة بشكل قياسي وتوسيع قرض صندوق النقد الدولي”.
وتعود جذور أزمة العُملة الصعبة، إلى أن مصر تحصل على معظم عملتها الصعبة من صادرات الطاقة والسياحة ورسوم السفن التي تعبر قناة السويس والأموال التي يرسلها المغتربون إلى الوطن، حيث تعاني الصناعات المحلية من ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر خارج صناعة النفط والغاز، مما يجعل الموارد المالية لمصر أكثر عرضة للتدفقات المتقلبة من “الأموال الساخنة” التي تستثمرها الصناديق الدولية على مدى فترات أقصر.
وقد أدت ندرة العملة الصعبة إلى وصول المعروض من الدولارات إلى مستويات منخفضة بشكل خطير في عام 2023، وبدأ تداول الجنيه في السوق السوداء بضعف سعره الرسمي، مما أدى إلى زيادة التكاليف على الشركات والمستوردين. وأدت الهجمات على السفن في البحر الأحمر من قبل المسلحين الحوثيين في اليمن إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، كما انحسرت التحويلات مع قيام المصريين في الخارج بإيقاف التحويلات خوفاً من انخفاض آخر في قيمة الجنيه.
وتقول “بلومبرج” إن الاتفاق مع دولة الإمارات أدى الى تحويل مشروع “رأس الحكمة” إلى ملاذ سياحي، وهو ما أدى الى تعزيز الثقة بشكل فوري وأنقذ البلاد من حافة الهاوية. وأتبعت السلطات ذلك برفع أسعار الفائدة بمقدار 6 نقاط مئوية، الأمر الذي ساعد في عكس اتجاه هروب رؤوس الأموال من خلال منح المستثمرين الفرصة لتحقيق عوائد سنوية تزيد على 20%.
وكان صندوق النقد الدولي يدعو إلى نظام صرف مرن في مصر لعدة أشهر، وكافأ المقرض متعدد الأطراف الحكومة المصرية بمضاعفة حجم برنامج القروض الذي تمت الموافقة عليه لأول مرة في عام 2022 إلى 8 مليارات دولار تقريباً، وهو ما كان حافزاً لتدفق إضافي بقيمة حوالي 14 مليار دولار من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وذكر تقرير “بلومبرج” أن التطورات الاقتصادية الأخيرة جعلت المستثمرين يتهافتون على سندات مصر بالعملة المحلية، حيث “استهدف المستثمرون الصفقات التكتيكية بانتظار المزيد من الأدلة على أن البلاد قد تجاوزت مرحلة صعبة قبل أن يستثمروا أموالهم في استثمارات أكثر استراتيجية وأطول أجلا”.

زر الذهاب إلى الأعلى