...

خبراء يتساءلون عن مصير شهادات الادخار ذات العائد الكبير بعد صفقة رأس الحكمة 

تساءل الكثيرون في مصر عن مصير شهادات الادخار ذات العائد الكبير الذي يصل إلى 27٪ ونجح بنكا “الأهلي” و”مصر” في جمع نحو 700 مليار جنيه، من ورائها ، وهل ستستمر هذه الشهادات خلال الفترة المقبلة، وسط تدفق مليارات الدولارات لخزينة الدولة من صفقة رأس الحكمة.؟

المؤكد أن تسهم أموال الصفقة في فض اختناقات السلع في الموانئ المصرية، بما يؤدي إلى انخفاض الأسعار، والمساهمة في كبح التضخم، ما يخفف بدوره الحاجة إلى مثل هذه الشهادات التي تستهدف بالأساس امتصاص السيولة وضبط الأسواق، فإن حصول مصر على سيولة مليارية من الدولار، قد يسرع عملية تحرير سعر الصرف المرتقبة، وخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، الأمر الذي سيفاقم وتيرة التضخم حتى استقرار السوق، بما يدعو إلى الحاجة للاستمرار بإصدار شهادات ذات عائد مرتفع، يُقدّر البعض وصوله إلى 35%.

في تصريحات له قال محمد الإتربي، رئيس بنك مصر ورئيس اتحاد البنوك المصرية إن مصرفه والبنك الأهلي، ليس لديهما حصيلة مستهدفة من الشهادات، ولا توقيت محدد لوقف تلك الشهادات بعد حتى الآن.

يقول بعض المحللين ، أن استمرار الشهادات يساهم في تحفيز الاستثمار في الجنيه كملاذ آمن مع الانخفاض المتوقع لسعر الدولار في السوق الموازية بعد الصفقة الإماراتية الكبرى.

و رفع البنك المركزي المصري  اسعار الفائدة منذ مارس 2022، وحتى الآن بإجمالي 1300 نقطة أساس لاستيعاب توحش التضخم الذي بلغ أعلى معدلاته على الإطلاق، يبلغ سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى أعلى معدلاتها على الإطلاق عند مستويات 21.25%، و22.25% و21.75% على التوالي.

زفي مطلع العام الجاري، طرح البنكان ، شهادات ادخار بعائد 23.5% سنوياً يُصرف شهرياً، ويصل إلى 27% حال صرف العائد سنوياً، في محاولة لإغراء من يحمل الدولار للتنازل عنه للبنك مقابل فائدة كبيرة، ومواصلة مجابهة التضخم وعدم السماح بأموال شهادات ذات عائد 25% التي انتهت يناير الماضي للنزول للأسواق وزيادة مؤشرات التضخم بالأسواق.

ورغم مواصلة التضخم في مصر التباطؤ في يناير الماضي للشهر الرابع على التوالي، بسبب سنة الأساس التي تحتسب عليها المقارنة، إلا أن الأرقام مازالت في مستويات مرتفعة وسجلت 29.8% خلال يناير على أساس سنوي، مقابل 33.7% في ديسمبر، أما على أساس شهري؛ فقد زادت وتيرة التضخم إلى 1.6% من 1.4% في ديسمبر.

ولا يزال التضخم الحالي فوق متوسط مستهدفات البنك المركزي التي تتراوح من 5% إلى 9%، خلال الربع الأخير من العام الجاري، ومن 3% إلى 7% خلال الربع الرابع من عام 2026.

أكد منصف مرسي، رئيس قطاع البحوث في شركة سي أي كابيتال،، إن استمرار بنكي “الأهلي” و”مصر” في بيع الشهادة باعتبارها إحدى الأدوات المستخدمة في سياسة التشديد النقدي يهدف إلى امتصاص السيولة من السوق المصرية والسيطرة على الضغوط التضخمية، متوقعاً استمرارها لفترة أطول.

يستحوذ بنكا “الأهلي” و”مصر” على 55% من إجمالي ودائع العملاء بالقطاع المصرفي المصري البالغة نحو 9.8 تريليون جنيه بكافة البنوك المصرية بنهاية سبتمبر الماضي، وفق البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري والبنكين.

خلال الشهر الجاري، اتجهت بعض البنوك الخاصة إلى طرح ودائع وحسابات توفير بأسعار فائدة مرتفعة تماشياً مع توجه سياسة التشديد النقدي بصفة عامة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وفق ما قاله منصف.

لكن مسؤول في أحد البنوك العامة قال “قريباً جداً قد يتم إيقاف هذه الشهادات مع أي تحريك في سعر العملة كما هو متوقع خلال الفترة القريبة المقبلة”.

من جانبها، قالت أماني شعبان، محللة قطاع البنوك في برايم لتداول الأوراق المالية، إن استمرار الشهادات حتى الآن رغم ما جمعته من حصيلة تجاوزت 700 مليار جنيه يعني أنها لم تصل إلى الحصيلة المستهدفة وهذا يعود إلى وجود بدائل استثمار متنوعة ما بين الذهب والعملات الأجنبية

أضافت: “أغلب حصيلة الشهادات عبارة عن مدخرات داخل البنوك واستمرارها حتى الآن باعتبارها وعاءً استثمارياً متاحاً في السوق وخاصة أنها لم تحدث خللاً في السيولة لدى البنوك الخاصة التي لم تسارع لإصدار شهادات مشابهة كما فعلت العام السابق”.

ويرى هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في شركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية، أن استمرار الشهادات يساهم في تحفيز العملاء على الاستثمار في الجنيه كملاذ آمن مع الخفض المتوقع لسعر الدولار في السوق الموازية بعد الصفقة الاستثمارية الكبرى في مدينة رأس الحكمة

 

توقع جنينة، أن تطرح البنوك شهادات جديدة بأسعار فائدة تفضيلية قد تصل إلى 35% مقابل التنازل عن الدولار في بعض البنوك، مع قرب البنك المركزي للعودة إلى مرونة سعر الصرف، أو عقد اجتماع استثنائي لرفع سعر الفائدة خلال الفترة القريبة المقبلة.

وقال أن البنوك تستطيع استيعاب تكلفة الشهادات الجديدة ذات العائد القياسي بعد زيادة أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة -أدوات الدين الحكومية- التي تُعد من أحد المصادر المتاحة أمام البنوك لاستثمار السيولة لديها.ر

الايام القادمة ربما تتضح الصورة أكثر ، بخاصة أن هناك قدرا ملحوظا من التفاؤل في الأسواق المالية

زر الذهاب إلى الأعلى