...

سر العلاقة بين الحشاشين و”الإخوان”… لهذه الاسباب تعرض مسلسل كريم عبد العزيز لهجوم من الجماعة الإرهابية

فوجئ المتابعون لمسلسل” الحشاشين” بطولة النجم كريم عبدالعزيز، بهجوم شرس من جماعة الإخوان الإرهابية، على المسلسل وكأن هناك شيئا ما في المسلسل استشعروا أنه سيفضح توجهاتهم ويعري جذورهم أمام الجميع.. فهل هناك علاقة فعلا بين طائفة الحشاشين التي تناولها الكاتب عبد الرحيم كمال في المسلسل، وبين الجماعة الإرهابية؟
لقد اتهمت الجماعة الإرهابية وكتائبها الإلكتروني القائمين على العمل بمحاولة لصق صفات الحشاشين للجماعة وعمل مقاربة بينهما.
ورغم أن أحداث المسلسل تكشف نهج الجماعة التي أرعبت العالم ونشرت الظلام والضلال والقتل والاغتيالات باسم الدين، إلا أن جماعة الإخوان اعتبرت أن المسلسل يستهدفها ويستهدف أفكارها، خاصة أن حسن الصباح زعيم الحشاشين انتهج مبدأ السمع والطاعة الذي سار على نهجه أنصاره، ونجح في إقناعهم بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، مستخدما الحشيش لتخديرهم ودفعهم نحو تنفيذ القتل والاغتيالات، مثلما فعلت جماعة الإخوان ودفعت عناصرها لتعاطي مخدر الترامادول للاعتصام في الميادين وتنفيذ القتل والاغتيالات، ضد الوطنيين ورجال الشرطة والجيش خلال اضطرابات يناير من العام 2011 وثورة يونيو من العام 2013.

مبدأ الولاء
الدكتور سامح إسماعيل، الباحث في شؤون وملفات جماعات الإسلام السياسي يرى أن المقاربة الأساسية بين جماعتي الحشاشين والإخوان المسلمين كان المبدأ الأول فيها هو الولاء والبراء، فإذا قامت الجماعة على هذا المبدأ وبايعت الأمير أو المسؤول أو مكتب الإرشاد أو المرشد حسب التوصيفات التي تطلقها أي جماعة على قادتها، فهذه البيعة تعني حمولة نفسية ومعرفية وفقهية من العضو للمرشد أو الأمير”، مضيفا أن العضو في الحشاشين أو الإخوان يمنح تفويضا للأمير يحركه كيفما شاء، وليس له أي حقوق، بل عليه السمع والطاعة والانقياد.

أضاف إن أوجه الشبه بين الجماعتين واضحة ولا لبس فيها، فالمرشد في الجماعتين يفتح طريق الجنة للأعضاء – حسب معتقداتهم – والمرشد والأمير هو من بيده مفتاح الآخرة، ولذلك فهذه الجماعات هي الأخطر لأنها تعتمد على شخص واحد يحكم مجموعة من البشر بتفويض إلهي، ويمنحهم الجنة المزعومة والخلاص، ويصبح في نظرهم المنقذ والمخلص، مشيرا إلى أن المرشد في الجماعتين يحرك المجموعات التابعة له حسب إرادته، وهو ما يمثل أحد أوجه التشابه بينهما.
ويقول إن الحشاشين والإخوان لديهم مشترك آخر متشابه وهو وجود ما يعرف بـ”الفدائيين” الذين ينفذون عمليات الاغتيال والعمليات الانتحارية لصالح الأمير أو المرشد والجماعة، ويقتل هذا وذاك بتوجيه من المرشد مثلما حاول الحشاشون اغتيال القائد صلاح الدين الأيوبي، مضيفا أن “الحشاشين قتلوا عددا من القادة في الجيوش الإسلامية، وهو ما حاول الإخوان تنفيذه خلال فترات وجودهم في حكم مصر واستهدفوا قادة عسكريين وأمنيين بعمليات اغتيال، كما اغتالوا النائب العام المستشار هشام بركات وسعوا لهدم الجيوش الوطنية”.
ويقول إن “وجه التشابه الثالث بين الجماعتين هو تشابه تشكيل البنية الهرمية والإدارية لهما، حيث يجلس على قمة الهرم شخص واحد يحكم قاعدة من الموالين له مثل حسن الصباح في الحشاشين وحسن البنا في الإخوان، ويقدم الأتباع في الجماعتين أرواحهم للمرشد مقابل الحصول على الجنة الموعودة”، مضيفا أن هذه القاعدة يوجد بينها وبين بعضها ترابط شبكي وتتحرك وفق أوامر ونواهي محددة، وتؤمن بعقيدة واحدة وتنفذ المهام الموكلة إليها، مؤكدا أنه هنا يتحقق الخطر حيث ينظر هؤلاء الأتباع للآخر كعدو يجب الاستنفار والاحتشاد للقضاء عليه وقتله. وكان فدائيو الجماعتين يقاتلون القادة في الجيوش والحكومات ويوجهون سمومهم للحركات الوطنية وليس للمحتلين، كما كانوا أداة وخنجرا مسموما في ظهور أوطانهم ومجتمعاتهم.

ويوضح سامح فايز، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أوجه الشبه بين جماعة الإخوان والحشاشين، ويقول إن تلك الأوجه ذكرها تفصيلا برنارد لويس في كتابه “الحشاشون”، كما أشار علي عشماوي، أحد قادة النظام الخاص الجناح العسكري المسلح لجماعة الإخوان في مذكراته، إلى أن حسن البنا حين حاول تأسيس النظام الخاص للجماعة، درس جميع التنظيمات العالمية وتأثر تحديدا بالفكر الباطني في التاريخ الإسلامي.
وقال عشماوي: “لقد كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين أتباع حسن الصباح، وكان الانبهار من وصولهم إلى حد الإعجاز في تنفيذ آليات السمع والطاعة، وكان آلاف الأتباع يسمعون ويطيعون حتى لو طُلب منهم قتل أنفسهم”، مضيفا أن منظّر جماعة الإخوان “سيد قطب”، كان قبل انضمامه للإخوان يشبّه حسن البنا وجماعته بحسن الصباح زعيم جماعة الحشاشين.
لكن يظل أخطر مواطن الشبه بين الجماعتين، حسبما يقول فايز، مسألة اعتماد الاغتيالات وسيلة للعمل العسكري والمواجهة مع الخصوم، وهي الطريقة التي اعتمدها الحشاشون وكانت سببا في ذيوع صيتهم حتى أصبحت معنى كلمة حشاش في اللغة الإنجليزية “قاتل بأجر”، موضحا أن “الإخوان اتبعوا أيضا منطق الاغتيالات باعتبارها الوسيلة الأكثر أمانا بدلا من تحمل مخاطر المواجهة العسكرية الكاملة مع الدولة”.
وكشف فايز أن “الحشاشين نفذوا مسألة الاغتيالات مع الوزير السلجوقي نظام الملك، وفشلوا في اغتيال صلاح الدين الأيوبي، وفي نفس السياق نفذ الإخوان عمليات اغتيال رئيس وزراء مصر في العهد الملكي محمود فهمي النقراشي، وأيضا القاضي المصري الخازندار، واغتالت الجماعة النائب العام المصري هشام بركات ومقدم الأمن الوطني محمد مبروك”.
ويضيف فايز أن “جماعة الإخوان اعتمدت فقه الاغتيالات سبيلا للمواجهة مع الدولة المصرية بعد ثورة يونيو 2013، وأصدرت كتبا روجت لها بين صفوفها أشهرها كتاب “فقه المقاومة الشعبية”، إلى جانب خطاب منشور لعضو الجماعة ومسؤول النظام الخاص بها محمد كمال في أعوام 2014 و 2015، ذكر فيه فتاوى أصدرها مفتي الجماعة عبد الرحمن البر تشير إلى ضرورة اغتيال المتعاونين مع الحكومة المصرية من رجالات الجيش والشرطة وغيرهم”.

زر الذهاب إلى الأعلى